كنت في الجزء الأول من هذا الموضوع قد تطرقت إلى ذكر بعض الألعاب التي كنا نلعبها و نحن صغار منذ أكثر من نصف قرن و الآن سأتابع في هذا الجزء الثاني التطرق إلى ألعاب أخرى من عبق الماضي
5- لعبة الكلال : جمع (كُلَ) وهو الدُّحَلْ الذي كنا نلعب به أيضاً حيث كنا نصف عدداً منها على الأرض على خط مستقيم و نرسم حولها دائرة واسعة كما فعلنا في لعبة الكعاب التي ذكرتها في الجزء الأول . يجلس اللاعب القرفصاء خارج الدائرة و يمسك بيده اليمنى دحلاً كبيراً يسمى (اللاعوب) وهو عادة من الرخام أو البللور حيث يضعه بشكل خاص بين السبابة و الإبهام على أن يقع رأس الإبهام خلف الكل و البعض منا قبل اللعب كان يخبط يده على الأرض لينشف عرق يده من خلال ملامستها التراب حتى لا يزحط اللاعوب من يده ثم يصوب اللاعوب نحو صف الكلال و يطلقه نحوها بدفعه بقوة برأس إبهام اليد اليمنى ، فإذا أصاب الكلال و خرج بعضها خارج الدائرة فإنه كسبها و إن لم يخرج منها شيء خسر الجولة إلا أن اللاعوب إذا لم يخرج من الدائرة في حال عدم خروج أي دحل فإن اللاعب يخسر اللاعوب بهذه الحالة أيضا إلا أنه يفتديه بدحلين ليبقى اللاعوب معه في يده . و ثمة أشكال أخرى لهذه اللعبة ، منها أن يرسم مثلثاً على الأرض ويوضع على كل رأس من رؤوسه كل (دحل) ثم يجلس اللاعب القرفصاء على بعد معين من المثلث و يطلق (الكل اللاعوب) نحو المثلث و يسعى أن يقف لاعوبه داخل المثلث ، و عند ذلك يكسب جميع كلال المثلث ، أما إذا وقف لاعوبه خارج المثلث ، فيأتي دور اللاعب الذي بعده و هكذا إلى أن ينتهي اللاعبون و الذي يكون لاعوبه واقفاً أقرب من غيره إلى المثلث يبدأ باللعب حيث يصوب لاعوبه إلى أحد كلال المثلث ، فإذا أصابه و أخرجه من المثلث كسبه، ثم يصوب لاعوبه نحو الكل الثاني و هكذا … ويستحسن أن يكون اللاعوب كبيراً قليلاً و أن يكون من الرخام أو من الزجاج لكي يستطيع أن يرفع الكلال التي يصيبها إلى مسافة بعيدة .
كنا نسمي الكل الزجاجي ( دمعة) لأن شكله الشفاف كان يشبه الدمعة . كما أنه كان يوجد كلال ثقيلة من المعدن أو الرصاص و لكن لم ينتشر استعمالها لصعوبة دفعها برأس الإبهام بسبب ثقلها ومن رفاقنا الذين كانوا ماهرين في صغرهم بلعب الكلال أذكر الدكتور سمير الأسود رحمه الله .
6- سيارات الرنابيل : كنت في الجزء الأول قد ذكرت لعبة عربايات الرنابيل وكما أوضحت فإن عرباية الرنابيل هي بثلاثة رولمانات . أما سيارة الرنابيل فهي بأربعة رنابيل (رولمانات) حيث كنا نقوم بتصنيع دف خشبي من عدة ألواح و من الخلف نضع عارضة لها رنبيلان مثبتة في نهاية الدف وفوق العارضة كان يوجد مقعد خشبي صغير للجلوس عليه أما من الأمام فكنا نضع عارضة متمحورة من منتصفها بمحور مع مقدمة الدف الخشبي مثبت عليها رنبيلان ثم نأتي بحبل يبلغ طوله حوالى المتر و النصف تقريباً و نربط طرفيه خلف كل رنبيل من الرنبيلين الأماميين بحيث يصبح هذا الحبل بمثابة المقود ( الدركسيون ) للسيارة .
أما كيفية اللعب بهذه السيارة فيكون بجلوس اللاعب على المقعد و يأتي لاعب آخر خلفه يقوم بدفعه أو شد السيارة من الأمام بواسطة حبل إذا كانت الطريق منبسطة أو صاعدة أما إذا كانت الطريق نازلة فإنه يكفي أن يتم دفع الراكب من الخلف من قبل أحد رفاقه دفعة واحدة لتنطلق السيارة سائرة بفعل الجاذبية الأرضية ولتوقيف السيارة يكفي أن يضع الراكب كعب حذائه على الأرض حيث تتزحلق مع السيارة لمسافة بسيطة ثم تتوقف . إن الخطورة في اللعب بهذه السيارة لا يقل خطورة عن اللعب بعرباية الرنابيل فالسرعة أحيانا في المنحدر تتجاوز ما يقدر العشرين كيلو مترا بالساعة و كثيراً ما ينجم عنها فقد للتوازن أو عطب أو كسر بالسيارة مما ينجم عنها أيضاً جروح للاعب قد تصل إلى الكسور
7- لعبة الصيّاح : و الصياح هو قطعة خشبية بشكل مخروطي لها رأس مدبب في نهايته قطعة معدنية مثل المسمار و للعب بها يتم لف خيط قطني على الصياح و في نهاية الخيط يتم صنع دائرة كي تدخل بها أصبع اليد الوسطى وبعد أن يتم لف الخيط على الصياح يتم رميه بشكل سريع ليشكل حركة دائرية سريعة . يتبارز بهذه اللعبة أكثر من شخص حيث يقوم الجميع برمي صياييحهم عند إعطاء الإشارة من قبل عكيدهم . و الفائز هو من يتوقف صيّاحه في الأخير عن الدوران كذلك هناك لعبة أخرى بالصيّاح حيث يقوم أحدهم برمي صياحه ثم يقوم اللاعب الآخر برمي صياحه أيضاً جانب الصياح الأول ليصطدم به والصياح الذي يقع أرضاً أولاً يكون صاحبه هو الخاسر . أحياناً فإن الأولاد يتباهون بتدوير الصياح على اليد فإنهم وبعد أن يقوموا برمي الصياح على الأرض فإنهم و بحركة سريعة يقومون برفع الصياح عن الأرض وهو يدور ليستمر الصياح في دورانه على يد الولد و الصياح الذي يتوقف في الأخير عن الدوران يكون صاحبه هو الفائز .
8- لعبة الهاتف : وهذه اللعبة عبارة عن علبتين إما أن تكونا معدنيتين أو خشبيتين أو بلاستيكيتين أو من الكرتون و يفضل أن تكونا أسطوانتي الشكل يتم ثقب أسفل العلبة بثقب صغير حيث يثبت في نهاية كل من العلبتين خيط قطني يتراوح طوله بين ثلاثة و خمسة أمتار وبعد أن يمسك كل لاعب بعلبته فإن الخيط الواصل بين علبتيهما يجب أن يظل مشدوداً وبعد ذلك يقوم أحدهما بوضع العلبة على فمه و التحدث بينما يكون اللاعب الآخر قد وضع العلبة على أذنه ليسمع كلام رفيقه وهكذا يتبادل اللاعبان وضع العلبتين ليكلما بعضهما بعضا
9- لعبة الدبانة (الذبابة) : و هذه اللعبة يلعبها عدة أولاد حيث كنا نقوم بشراء بعض أنواع السكاكر من نوع ( سكاكر مَصّ) و غالباً ما تكون مغلفة وإذا لم تكن مغلفة كنا نغلفها بأوراق الدفاتر المدرسية القديمة ثم نتجه إلى مكان يتواجد فيه الذباب كحديقة مثلا حيث يضع كل واحد منا قطعة سكر على الأرض في مساحة لا تتجاوز النصف متر مربع و ننتظر مجيء ذبابة ، فالذبابة التي تقف على قطعة السكاكر يكون صاحب تلك القطعة هو الفائز حيث يأخذ جميع القطع الباقية و هكذا نعاود الكرة من جديد وكان أفضل مكان نذهب إليه من أجل هذه اللعبة هو سوق الخميس بعد أن ينفض السوق وكذلك في اليوم الثاني الذي يصادف يوم الجمعة حيث كنا نذهب إلى المكان الذي كان يتواجد فيه باعة اللحم أو باعة المشبك و العوامة حيث يكثر تواجد الذباب لنمارس اللعبة.
و إلى اللقاء في ذاكرة جديدة
المحامي معتز البرازي