بخطا مترددة دخلت مرسمها ,وفي رأسي تضج أسئلة كثيرة ,لوحات مبعثرة هنا وهناك , وكل لوحة بما تحمله من مفردات لونية متناغمة تقدم حكاية لونية مشبعة بتجربة إنسانية وفنية وجمالية ثرية على صعيد بنية التكوين أو المعالجة اللونية ,وتسعى لتقدم أرقها الدائم عبر رحلة اللون والضوء والهارموني ,لوحات متنوعة القياس والأسلوب ,كل لوحة صرخة إنسانية لوجع ما وربما حلم ما , إنها الفنانة التشكيلية المتميزة سهام منصور .
الطفلة سهام تخربش ….
وهي طفلة بعمر لم يتجاوز الخمس السنوات ,ترسم أصابعها الصغيرة شجرة عادية ذات أغصان متشابكة ,لونتها بفرح طفولي وكأنها دخلت كهفاً أسطورياً لتكتشف عالماً سحرياً , وكان أستاذها أخوها الذي أصبح فيما بعد دكتوراً في جامعة دمشق(هندسة عمارة) الدكتور رياض منصور ,وبدأت رحلتها مع اللون والضوء ,لتدخل كلية الفنون الجميلة ,وكان مشروع تخرجها (الحصان العربي) بكل ما يحمله من عراقة ونبل وكبرياء ,وهي صفات الإنسان العربي الأصيل الذي ينشد السلام والحب ,أعتقد (ولست جازماً ) بأن الفنانة سهام منصور هي أهم فنان قدم الحصان بجميع حالاته من جموحه إلى لحظات انكساره وألقه وتمرده ,وفي كل لوحة تقدم قراءة لونية لحالة متفردة للحصان العربي ,لتسرد لنا بألوان موجعة حالة شديدة الخصوصية للحصان العربي (الإنسان العربي).
تذهب بك بعيداً عبر تدرجات لونية شفافة تارة ,وألوان حارة تتحدى واقع مثقل بالخيبة والهزيمة ,لتؤكد انحيازها المطلق للخير والحب والجمال .
في عام 1975 حصلت على دبلوم تربية ,وفي عام 1985دراسات عليا (دبلوم ) وقُبلت معيدة بالكلية ,ولكنها آثرت الرجوع لمدينتها حماة ,كي تساهم مع زملائها في نشر الوعي الفني والجمالي عبر اللون ,ومازالت حتى اليوم تقوم بتدريس وتعليم أساليب الفن للصغار والكبار .
سهام منصور مسكونة بالأمل
في لوحة متوسطة القياس قدمت أهم التضاريس المفعمة بالحياة ,لبلدنا الحبيب سورية , وكأنها تصر أن من يسكن قلبها وروحها هو كل ذرة من تراب هذا الوطن الغالي من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ,ألوان حارة تشعرك بالدفء والروعة ,وبأنك تسكن وتنتمي وطناً يحمل هذا الكم الهائل من البهاء والجمال ,في وسطها تتربع واجهة المسجد الأموي بدمشق أقدم عاصمة في التاريخ وبالقرب منها تنهض قلعة حلب بكل كبرياء وعنفوان ,والنواعير تشدو بنشيدها الأزلي للحياة والنواعير تشدو للورود المبعثرة في حديقة أم الحسن وللحب والجمال ,وفي الطرف الآخر نرى الجسر المعلق بدير الزور وكأنه يؤكد خطا العابرين نحو الأمل .
في مرسمها ….تدون..؟
مثل صوفي معتكف في صومعته ,سهام تستغرق برسم لوحتها الجديدة ,تمارس نزقها على لوحة بيضاء لتزرع فيها كل أرقها وحبها للناس ,وخوفاً يسكننا جميعاً على وطن مازال الأعداء يتربصون به شراً ,ولكن الفجر قادم وإن طالت المأساة .هذا ما تترجمه بألوانها المشبعة بالأمل والحب, والضوء ينفجر شلالاً يكنس أطراف العتمة التي تغطي بعضاً من أطراف بلادنا .