يبني الإنسان مجتمعه القويم ، بالعمل البناء و الصادق ، واستقراء المستقبل ، لذا يجد صعوبات ضمن مسيرته ، يجب تذليلها ، ضماناً للهدف الأسمى ، من تلك الصعوبات مشكلة البطالة بكل أشكالها و أنواعها ، بالطبع هي مشكلة خطيرة ، خاصة بأنها تظهر في منتصف مشوار البناء و التقدم ، فما هي البطالة؟ و ما تأثيرها؟ و كيف نتعامل معها ؟
البطالة
يقول رضوان كوسا ، مدرس علم الاجتماع : البطالة هي تأخر في تحقيق أهداف على مستوى الفرد ، وبالتالي خلل بالإنتاج العام ، و هي نقص في فرص التشغيل ، أو تشغيل غير لازم ، ما نسميه أحيانا البطالة المقنعة .
عامل تنظيفات
التقينا كمال ( اسم مستعار ) ، خريج أدب فرنسي ، حالياً يعمل كعامل نظافة في إحدى المؤسسات الحكومية ، الذي قال : سنوات أربع و أنا أبحث عن عمل ، في البداية كان العمل يجب أن يكون مناسبا ، بعدها كان طلبي الوحيد أن يكون مستمراً ، لأنني خلال تلك الفترة كنت أعمل فترات متقطعة ، بأعمال مختلفة ، مع زيادة المتطلبات ، و لم أجد إلا هذه الفرصة .
تاجر
ميسر شمص ، خريج جغرافيا ، يعمل في محل والده بتجارة الأقمشة ، يقول : دراسة الجغرافيا الإقبال عليها قليل ، بما أنها لا تحقق طموح الأغلبية حسب ظنهم ، لكن أنا اخترتها لأني أحب دراستها ، و كنت راغبا بالدراسات العليا ، لكن بعض التعقيدات في الجامعة ، و في عمل والدي ، كانت سبباً في عملي بالمحل و ترك الدراسة .
واقع
نعيش ما يسمى عصر السرعة ، التي يحتم علينا زيادة المصاريف و التكاليف ، بالتالي تكوين حاجة ماسة للعمل ، بالإضافة إلى أهمية العمل في التكوين البشري ، مع ضرورة مجاراة الوقت ، فيجب تعويض تلك التكاليف ، فلا يكون ذلك إلا من خلال العمل ، و يفضل أن يكون مناسباً ، لكن بعض الحيثيات التي من حولنا ، دفعت الأغلبية للعمل في أعمال لا تناسب مستوياتهم العلمية ، وهذا شكل من أشكال البطالة .
وقت مهدور و حلول
يشير رضوان كوسا إلى أن البحث الطويل عن العمل ، يشكل مناخاً مناسباً للبطالة ، و لانحرافات اجتماعية ، بالإضافة لقتل الوقت و هو أهم أساسيات النجاح ، و فيها هدراً للمكون البشري بحد ذاته ، لأنه و لكل عمر قدرة على العمل تختلف عن سنوات سابقة أو لاحقة ، و لاننسى تلك التأثيرات النفسية القاسية ، مما يتطلب وضع خطط مستقبلية لاستيعاب طاقات الشباب و توجيهها .
أيضاً
أما ميثاء عبد الجبار ، مرشدة نفسية ، تقول : نرى عدداً كبيراً من خريجي الجامعات عاطلين عن العمل ، وممكن أن يكون أحد الأسباب ، عدم الموازنة بين قبول الطلاب بالكليات النظرية و غيرها ، وعدم العمل على دراسة الاحتياج الحقيقي للسوق من فرص العمل و نوع ذاك الاحتياج ، فيجب تغذية الحقول العملية من خلال دعم كلياتها ، و زيادة حاجة السوق لهم ، من خلال فتح مجالات عمل جديدة ، و ممكن دراسة النظر للقبول الجامعي ليس بالاعتماد على مجموع العلامات فحسب .
مشاهدة
مازن . س ، يعمل ثلاثة أعمال في حياته ، حيث لديه وظيفة متواضعة ، وينقل بضائع مختلفة بين المحال التجارية ، ومحاسباً لفترة متأخرة من الليل في عمل خاص، لذا فهو يومياً يخرج من بيته حوالى الخامسة صباحا ، ويعود حوالى الثانية فجراً ، و يقول متسائلاً : هذا وضعي أليس بطالة ؟
المحرر
تعد إشكالية البطالة سبباً أساسياً في خراب المجتمع ، ومن جهات مختلفة ، ويبدو البداية الصحيحة تكون بتنمية الموارد البشرية ، من خلال برامج خاصة يقوم عليها مختصون ، بالإضافة لمحاولة الربط الحقيقي والجاد للقطاعين الخاص والعام ، وليس شكلياً فحسب ، لأن ذلك يزيد من فرص استيعاب كماً لابأس به من شبابنا ، وبالعموم يجب الاهتمام بسلامة حياتنا ومجتمعنا ، وبالتالي سلامة وطننا ، لأن الشعوب الناجحة هي الشعوب التي لاتقلد الآخرين ، و هي الشعوب التي تأكل مما تصنع .
شريف اليازجي