الفيلسوف

يتحدث المفكر محمد راتب الحلاق عن الفيلسوف عند الفارابي ليستخلص القارئ المستوى الحضاري الذي كان يعيشه صاحب المدينة الفاضلة. يقول الحلاق:

….. والفيلسوف عند الفارابي من حاز الفضائل الأخلاقية والخصال الفكرية والإرادة الواعية، والذي يعمل بما علم، لأن تمام العلم لا يكون إلا بالعمل، حيث يبدأ الفرد بإصلاح نفسه أولاً ثم يبدأ بعد ذلك بإصلاح غيره مبتدئاً بأهل بيته ثم القريبين منه متنقلاً من الأقرب إلى الأبعد فالأبعد، حتى يعم الإصلاح العالم كافة …. . فالفيلسوف، حسب الفارابي ، صاحب رسالة اجتماعية نبيلة، غايته تحقيق المدينة (الدولة الإنسانية ) الفاضلة وقيادتها، مثله في هذا مثل الرسل والمصلحين، وبذلك يتفق النقل والعقل، والفلسفة والعقائد، والسياسة والأخلاق. وقد قسّم الفارابي المجتمعات إلى مجتمعات كاملة ومجتمعات ناقصة، وأكمل المجتمعات عنده هو المجتمع الذي يضم الناس كافة ( المكوّن من مجموع الأمم والأوطان )، ومن المجتمعات الكاملة الأمة التي تتوحد ( تجتمع ) في دولة، ومجتمع المدينة التي تكون تحت قيادة حكيمة. أما المجتمعات الناقصة وغير الحقيقية فيعددها نازلاً من الأكبر إلى الأصغر كما يلي : مجتمع القرية فمجتمع الحي فمجتمع الشارع فمجتمع العائلة أو الأسرة.
وهكذا فإن المجتمعات عند الفارابي تسير نحو كمالها انطلاقاً من الأسرة وصولاً إلى العالم : (الأسرة ـ الشارع ـ الحي ـ القرية ـ المدينة ـ الدولة الأمة ـ العالم ) في وعي مبكر منه لوحدة الجنس البشري، فهل البيئة التي أنتجت مفكراً إنسانياً من هذا الطراز كانت بيئة متخلفة ؟؟؟!!)

المزيد...
آخر الأخبار