هل تشعر أن الناس تسيء فهمك ؟ وأنهم لا يقدرونك , وأن العالم ضدك ؟ وهل أنت كثير التفكير بالماضي والتأمل فيما فات ؟ وأنك عديم القدرة على مواجهة الحياة وجهاً لوجه , ولاتشعر بارتياح حقيقي إلا إذا كنت لوحدك ؟
إذا كانت إجابتك نعم ..فأنت خائف أنك تفتقر إلى الثبات والاتزان في داخلك أو أنك عديم الثقة بنفسك وعليك أن تدرك انك لست الوحيد الذي ذاق طعم التعاسة والشقاء في الحياة وبمقدورك ملاقاتها وجهاً لوجه..
من الإخوة المتقاعدين وممّن تقدم بهم السنّ من يوهم نفسه ويصرح عنها أنه بات مهمشاً في الحياة وقد غدا يعيش على الرف مهملاً لا فائدة منه مفسراً التقاعد «مت قاعداً « فتراه يخاف الحياة فهي في نظره شقاء وانكسار وخيبة أمل , ومطالبها كثيرة , ومسؤولياتها ثقيلة, والعلاقة بينه وبين الناس أضحت تسير في طريق وعر محفوف بالأشواك , وتراه لا يستطيع الوفاق مع زوجته وأولاده فهو يتدخل في كل شيء يعنيه وما لا يعنيه, وأيضاً لا يستطيع أن يصون لسانه عن النقد اللاذع وتراه مرهف الحس , يتأثر من كل كلمة توجه إليه فيأخذها على محمل الجد , وتكتنفه أحاسيس مزعجة ومخاوف يشعر وكأنها ستنطبق عليه فجأة فتسحقه سحقاً , فيدخل بكآبة وينظر إلى الناس بتعجب كيف يروحون ويجيئون في حياتهم اليومية بكل سلاسة واعتياد فيدهش لذلك.
وكل ما ذكرناه إنما هي أعراض شاذة عليه أن يكتشفها من نفسه , ويعمل على انتزاع تلك الأفكار , ويخفف من وطأة الحساسية ليزول عنه الأرق وتنتظم حالته النفسية كي يستمتع بالحياة , ويدرك أن الحياة جديرة بأن يحياها في حياة اجتماعية طبيعية وبكل يسر, وعليه استيعاب كل الظروف التي تطرأ عليه كي يخفف من وطأة التعب على جهازه العصبي , وينزع عن نفسه و فكره الخوف من المجهول ويعود إلى الحياة الطبيعية بتفاؤل وثقة بالنفس وينظر الى الغد والأسبوع والشهر والسنة القادمين بكل ثغر بسام وتفاؤل وارتياح وأمل وتنطلق منه الأفكار مندفعة كالسهام مؤمناً بأن الحياة كلها لذات ومفاجآت وحوادث ومغامرات , وعليه توقع الخير فيها وألا تساوره الهموم والظنون السيئة فليس ثمة مايدعو لذلك .
وعليه تركيز أفكاره بثقته بنفسه فلو فقدها لفقد الكثير معها فيصبح سجين بيته منكمشاً في حجرته كالحيوان المريض يقبع في حظيرة ..عليه أن يقنع أن الدنيا مازالت بخير وتفاءلوا بالخير تجدوه …
محمد مخلص حمشو