شريط سينمائي يتدفق أمامي ليذكرني بمرحلة الطفولة,تلك الذكريات ما زالت تجد لها مكاناً ضيقاً في الذاكرة , وفي بداية السبعينات من القرن الماضي ,عندما كان لنا دكان في (سوق الخربان) ومكانه الحالي هو حديقة كلية الآداب في الموقف ,محال متلاصقة بشكل فوضوي ,اللحام جوار التنكجي جوار صباب السيالات والقطايف جوار الحذاء (كندرجي) ,ومحلنا جوار الكندرجي , يمتهن والدي تصليح الأقفال والمفاتيح وبيع الخرداوات مثل الخناجر والمسابح …,…وجارنا الحذاء من خلال عمله البائس استطاع أن يبني منزلاً فخماً من طابقين بأحد أحياء حماة الراقية (الغنية) ,وكوني صغيراً أدركت بأن مهنته المتواضعة قد شيدت له منزلاً جميلاً ,وحياة مع عائلته , هي أقرب للأغنياء (طعام وشراب ولباس ) فأدركت بوعي بسيط بأن هذه المهنة هي طوق النجاة نحو رغد العيش .
كان حلمي أن أتعلم هذه المهنة كي أقبر الفقر (كما تقول العامة) ولكنني فشلت بأن أبني بيتاً في أحد الأحياء الجميلة ,ومازلت أسكن حياً شعبياً , هو أقرب للعشوائيات ,ولي فيه حصة من منزل أبي ,هو منزل متواضع مثل أحلامي المتواضعة ,لأنني ببساطة قاربت عالم الأدب والفن.
طبعاً في منتصف السبعينات بعنا محلنا (الدكان) الذي أصبح عبئاً علينا ولم نستطع إدارته ,ربما فشلنا ,ولكن لا أدري…. هل أصبت بعضاً من النجاح فيما ذهبت إليه من مقاربتي للأدب والفن؟.