إنه الدكتور يوسف حبيب عفور الطبيب الجراح الذي عمل ملتزماً بقسم أبو قراط الذي يؤكد أن الطب مهنة إنسانية فظل أبا للفقراء طوال حياته المهنية ، ولد الدكتور يوسف في محردة بتاريخ /21/ 12/ 1937 ، درس الابتدائية بمدرسة الأخطل في محردة و كان طالباً مميزاً في المدرسة حسب شهادة زملائه ، انتقل بعدها إلى دير محردة و نال السرتفيكا أي السادس ثم الإعدادية ، تابع بعدها الدراسة في مدينة حماه حيث درس بمدرسة ابن رشد و نال شهادة الثانوية مسجلاً علامات عالية مما أهله لدراسة الطب البشري الفرع الذي أحبه فسجل اسمه بجامعة دمشق ،تابع الدراسة بنشاط وجهد مميزين فسجل أعلى الدرجات في الجامعة حتى تخرج وحصل على شهادة دكتور في الطب البشري عام /1966/ وبعدها أدى واجبه الوطني في خدمة العلم ثم انتقل ليختص جراحة عامة بمشفى المجتهد بدمشق .
تدرب بالشعب الجراحية بالمجتهد إضافة لعمله بمشفى الزهراوي النسائي عمل كافة العمليات النسائية واطلع على آخر ما توصل إليه الطب النسائي في بلده سورية ، بعدها عاد لمسقط رأسه محردة .
وفي شهر تشرين الثاني عام / 1974 / سافر إلى ألمانيا للمزيد من العلم و المعرفة فأتقن اللغة خلال فترة زمنية قصيرة ، ثم عمل في مشفى الجامعة لمدة أربع سنوات حصل بعدها على الاختصاص في الجراحة العامة بألمانيا من مدينة هامبورغ فدعي للعمل في أكبر مشافي العاصمة الألمانية برلين نظراً لإمكانياته الكبيرة في العمل الجراحي لكن حبه لبلده دفعه للعودة إلى سورية و إلى محردة مسقط رأسه مما أثار دهشة الأطباء في ألمانيا، بعدها فتح مشفى خاصا به في محردة سماه مشفى /الأمل الجراحي / عام /1985/ فقدم الخدمة الطبية بأسعار زهيدة لأهالي مدينة محردة وريفها حيث كانت المنطقة تفتقر للأطباء المختصين وكانت تعتمد على أشخاص يعالجون الناس بوصفات موروثة .
تابع الدكتور عفور تطور العلم فكان يحرص على حضور المؤتمرات الطبية و يسافر إليها بشكل دائم أينما وجدت فحضر أكثر من خمسة عشر مؤتمراً طبياً خاصاً بالجراحة في كافة أنحاء العالم ، و كتب العديد من المواضيع الطبية التي تشير لأحدث ما توصل إليه العلم مثل : الحمية السكرية و آثار القدم السكرية ، وكتب أيضاً عن أضرار السمنة على الجسم و برامج الغذاء الصحي ثم الكيسات المائية و كيفية علاجها ، و كان له اهتمامٌ خاصٌ بالطب الرياضي لأنه كان يعشق الرياضة .
درس بألمانيا جراحة كف و برع فيها ، ولدى سؤالنا له : لماذا لم تتابع العمل بهذا النوع من الجراحات غير المعروفة في سورية.
أجاب : أن هذه الجراحة حساسة جداً و تحتاج لمجاهر ضخمة و أدوات خاصة غير موجودة في محافظتي حماة و بلدتي محردة ، ومع ذلك قام بوصل العديد من أصابع اليدين والقدمين المبتورة وذلك مما ذكره أهالي محرده وريفها .
عمل الدكتور عفور / 44/عاماً بالجراحة و كان خلال هذه الفترة يجيد التشخيص العام للأمراض الجراحية خصوصاً التشخيص عن طريق الأجهزة كما برع في التنظير الجوفي وقدم الكثير لتطوير الخدمة الجراحية لحالات الطوارئ.
اعتبر الدكتور عفور من المشخصين الشعاعيين المتمكنين خاصة فيما يتعلق بإصابات الجهاز العظمي .
كان منفرداً بمعالجة أمراض العدوى الجراحية بالمحافظة فقد عالجها بنجاح وقدم الكثير من مبادئ التخدير الموضعي والعام والإنعاش للأطباء الصاعدين .
د. عفور من الأطباء القلائل الذي ظل متمسكاً بمبدأ : ( الطب مهنة إنسانية ) ولا يجوز خلط هذه المهنة النبيلة بمفهوم التجارة والمال لذلك كان وما زال أبٌ للفقراء يقدم لهم العلاج مجانا ويرشدهم إلى الخطوات الواجب القيام بها لمنع تطور المرض .
دعي للعودة إلى ألمانيا والعمل والإقامة هناك إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً و لدى سؤالنا له : ألم تشعر بالندم بعد الذي حصل ببلدنا سورية فقد أصبحت ألمانيا حلما للعديد من الأطباء .
أجاب: أنا سوري ابن حماة – محردة و لن أستطيع العيش بعيداً عن تراب الوطن مهما ساءت الظروف ، أعتبر نفسي جندياً وعلي الدفاع عن وطني ، كما كل سوري أن يقدم شيئاً يدل وعلى انتمائه كي يستحق الهوية السورية .
سوزان حميش
المزيد...