يستعمل الناس عادةً مصطلح الدوخة لوصف العديد من الأحاسيس التي يعانون منها، فأحياناً يكون للتعبير عن خفة الرأس أوعدم الثبات والاستقرار أو الإغماء، وهو ما يسمى بـ الدوار (Dizziness)، والذي قد يكون مصدره نفسياً كحالات الخوف مثلاً، أو بسبب مشاكل عصبية مختلفة أو مشاكل قلبية وعائية أو غيرها.
وللحديث عن هذا الموضع الهام تحدث إلينا الدكتور عمران طه اختصاصي أمرض الأذن والحنجرة وجراحتها والذي قال:
تستخدم كلمة الدوخة عند ظهور إحساس أو وهم بحركة ودوران، وهو ما يسمى بـ الدوار (Vertigo)، والذي ينتج عادة عن اضطراب في الجهاز الدهليزي المسؤول عن حفظ التوازن، وهو إحساس المريض بحركة ودوران الجسم أو المكان أو الاثنين معاً، وكأن العالم كلّه يدور وينقلب، ما يؤدي إلى عدم القدرة على حفظ التوازن، وكل حالات الدوار قد يصاحبها غثيان وإقياء وخفقان بالقلب ورأرأة عينية وشحوب بالوجه وتعرق وإحساس بالرغبة في الذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة.
والسبب المباشر للشعور بالدوار هو حدوث خلل في وظائف الأذن الداخلية المسؤولة عن الإحساس بالتوازن، ويحدث ذلك لأسباب متعددة قد تكون: أمراض الأذنين، أو أمراض في عصب التوازن الدهليزي، وهو ما يسمى بالدوار المحيطي، أو بسبب أمراض في الجهاز العصبي المركزي، وهو ما يسمى بالدوار المركزي.
وبين الدكتور عمران أن أكثر الأسباب الشائعة للدوار المحيطي تشمل دوار الوضعة الانتيابي الحميد، ومرض مينير، والتهاب العصب الدهليزي (التهاب التيه)، بعض الأدوية السامة للأذن، الأورام، رضوض الأذن، والتهابات الأذن.
ومعظم الأسباب الشائعة للدوار المركزي هو الصداع النصفي والذي يشار إليه كثيراً بالصداع النصفي الدهليزي، بينما تشمل الأسباب الأخرى زوال الميلانين والأورام السمعية أو الإصابات الوعائية لجذع المخ أو المخيخ.
التمييز بين الدوار المحيطي والدوار المركزي
أوضح الدكتور عمران أنه في الدوار المحيطي تكون البداية مفاجئة، ودون أن يفقد المريض وعيه، والسبب عادة مرض بالأذن الداخلية، وخاصة عند وجود فقدان بالسمع أو ضغط بالأذن أو طنين، أو تكون بسبب مرض في الأذن الوسطى مؤثر على الأذن الداخلية، وقد يكون السبب هو التهاب العصب الدهليزي وعندها لا يشكو المريض من أية علامة سمعية (نقص سمع أو طنين).
وعندما تستمر نوبات الدوار لثوان وتكون مصحوبة بتغيرات بوضع الرأس والجسم تكون بسبب ما يسمى دوار الوضعة الانتيابي الحميد، أما عندما تستغرق النوبات ساعات أو أياماً فيحتمل أن تكون بسبب التهاب العصبون الدهليزي أو بسبب داء مينير، والمرضى بدوار محيطي يستطيعون الانتقال في العادة أثناء النوبات ويكونون على دراية بما حولهم.
في الدوار المركزي تكون البداية تدريجية للأعراض، تستمر النوب عادة لمدة 20 دقيقة وحتى 24ساعة، وينتج الدوار عن نقص تروية جذع المخ أو المخيخ، ويكون مصحوباً عادة بعلامات عصبية مثل ازدواج الرؤية، وصعوبة البلع، والغثيان، والرتة الكلامية، و الأشخاص الذين لديهم مرض بالمخيخ يكونون غير قادرين على الانتقال أثناء النوبات الحادة للدوار ويعانون من الترنح في المشي
كيف يتم تشخيص الدوار الدهليزي وسببه؟
أوضح د0 عمران أنه في البداية يتم سؤال المريض عن التاريخ المرضي لكدمات سابقة بالرأس أو مرض بالأذن أو جراحة سابقة، كما يتم سؤاله عن تأثير الدوار على أنشطة الحياة اليومية في العمل والمنزل، ويكون الكشف عن وجود قلق أولي أو اكتئاب له أهمية، وكذلك يتم السؤال عن الوصفات الطبية الدوائية والتدخين أو تناول أي علاجات للتعرف على الأعراض التي يمكن أن يسببها استعمال هذه المواد.
أما الفحص الجسماني فيشمل العلامات الحيوية وقياس ضغط الدم في وضع الاستلقاء والوقوف وتقييم القلب والدورة الدموية والجهاز العصبي وفحص الأذن لاستبعاد وجود عدوى ظاهرة أو التهاب بالأذن الخارجية أو الوسطى، واختبار السمع (باستخدام شوكة رنانة وبالهمس)، وأيضًا يفحص مدى حركة الرقبة ومرونتها، ويتم التركيز في فحص الجهاز العصبي على الأعصاب القحفية والحركة والإحساس والمشية والوقفة، كما يتم إجراء اختبارات للمخيخ وخاصة المتعلقة بحركة العين لكشف وجود رأرأة بالعين (لليمين أو اليسار) والذي يشير إلى وجود خلل مركزي الأصل.
عالج الدوار الدهليزي
العلاج أثناء الأزمات :يكون على الشكل الآتي :
1- الراحة التامة، الحفاظ على وضعية الرأس، تجنب الحركات الفجائية وتغيير الوضعية، تجنب الضجيج، تجنب التلفاز والأضواء الشديدة.
2- إعطاء مثبطات الدهليز مثل ديمينهدرامين (كرافول)، ومضادات الإقياء مثل بروميتازين وميتكلوبراميد، والكورتيزونات، ومضادات الفيروسات، والمهدئات مثل ليكسوتان وفاليوم، مع التأكيد على إيقاف مثبطات الدهليز بأسرع وقت ممكن لتسهيل عملية التعويض الدهليزية المركزية.
3- إعطاء مضادات الهيستامين مثل بيتاهيستين (بيتاسيرك) أو نبات جينكو بيلوبا، وكلها تحسن جريان الدم في الأذن الداخلية.
4- في مرض مينير تعطى مدرات البول مع العلاج التحفظي بتقييد الملح.
العلاج الدائم
1- يتضمن العلاج الأساسي معرفة السبب وعلاجه، سواء بالعقاقير أو العلاج النفسي أو التدخل الجراحي.
2- تناول أدوية تساعد على رفع كفاءة الأذن الداخلية.
3- في دوار الوضعة الحميد يكون العلاج وظيفياً، بإجراء حركات للرأس خاصة تعيد البلورات إلى مكانها وتوقف نوبات الدوار.
وأخيراً :يُنصح مرضى الدوار عموماً بالابتعاد عن الأماكن المرتفعة الخطيرة والتي تستلزم درجة عالية من التحكم في اتزان الجسم والاهتمام والدعم النفسي والمراقبة الدائمة للمريض وخصوصاً المرأة المرضع والتي قد يتأذى طفلها إذا وقعت أثناء الدوخة أو الدوار .
ماجد غريب