حين بدأت بتدوين نتاج ما أراه مشروعاً ثقافياً اجتماعياً تحت مسمى الدستور الثقافي تملكني الأمل و ما يزال في أن يغدو يوماً شراكة فكر و تخطيط ، و أن تتشابك و تتشارك الرؤى في هذا الأمر لأهميته الفاعلة المؤثرة في تصحيح اتجاه بوصلة نشأة أبنائنا إنسانياً .
ونتابع في منهجة الدستور الثقافي عمريا ، فإذا انتقلنا إلى مرحلة اليفاعة في عمر أبنائنا فإن الأمر يصبح أكثر يسراً حين نتتبع تنفيذ ما ذكرناه في مرحلة الطفولة ، أما و إن هذا لم نحسن تدبيره فمن واجبنا التركيز أكثر في هذه المرحلة العمرية إذ يكون اليافع في تناقض اجتماعي حيث يرى نفسه أهلاً للتأثير و الفعل في قرارات محيطه بينما يراه المجتمع لا يزال في طور التكون والتعلم وهنا تستقيم المعادلة بحسن التعاطي ، لا ضرر في محك يفرغ فيه رغبته في أن يكون فاعلاً ولكن في أمور بسيطة تختبر مدى تفهمه و إدراكه و تمنحه الثقة بنفسه ، و في جانب آخر تختبر بناءه النفسي ، وللدستور الثقافي حضوره الكبير هنا حيث يتطلب من محيطه تشذيب المؤثرات المكونة له ..
يبني الدستور في هذه الحالة قيماً تراكمية تبدأ في الرقابة على صداقاته و اهتماماته و متابعاته و حتى المصادفات الحادثة التي قد تصبح حكم قيمة في بنائه النفسي.
يهيئ المجتمع لليافع بساطاً سندسياً من المؤثرات الأخلاقية فيقيم لأجل ذلك منابر حوار مع القامات الفاعلة لما لهذه الحوارات من صقل لنوازع الخير لديه ، و تقدم له العروض المسرحية المنتقاة ، و يدفع به إلى موارد المعرفة والتثقيف والاطلاع ، حيث تغدو الكتب بتنوعات مواضيعها متاحة لينهل من معينها و ينطلق معها في تكوين ثقافي بناؤه تراث و فكر المبدعين والباحثين ، و هنا أعود إلى وجوب الإلزام حين يتعثر سبيل آخر ، فنوجه الشباب إلى ما سبق من مؤثرات في أوقات محددة و تقام محكات التثقيف و التقيد مع رفاقهم و مجتمعهم في ما تم تنفيذه ، و من لا يجتهد في ذلك يمكن للمشرف وفق الدستور الثقافي أن يدفع به إلى الحدائق أو المكتبات العامة أو المشافي للعمل بها كإجراء تنبيهي أو تصويبي وتحديد مدة هذا الإجراء وبعد انقضاء المدة المحددة يعود الفتى إلى مجتمعه و هو يعي سبب ما تعرض له ، و يدرك بأن ثمة ما ينتظره من إجراءات أخرى في حال عدم الالتزام ..
الدستور الثقافي ليس قانون ردع و محاسبة ففي كل مجتمع ما يكفي من هذه القوانين ، ولكنه سبيل تثقيف ورقي وارتقاء ..
أكرر ما قلت سابقاً : هو ليس حلماً محالاً ، إنه المشروع الذي يمكن أن يغدو نهج بناء مجتمع يليق بإنسانيتنا، و على الرغم من فضاءات الأمل في تجسيده واقعا و التطرق إلى ماينبغي في مراحل العمر كافة ، إلا أنني سأترك تتمة الأمر للتشارك والتشاور مع أصحاب الفكر والقناعة وصولاً إلى انطلاقة واثقة لهذا المشروع الثقافي.
سامي محمود طه