كان يمشي الهوينا مستمتعاً بشمس ربيعية دافئة.. يعزف بمزماره ألحاناً أحبتها أغنامه فسارت وراءه تثغو تارة وتلهو تارة أخرى.
البرية والطبيعة، من حوله خضراء مزركشة بزهور ملونة جميلة.
وفجأة.. رأى موكب السلطان قادماً نحوه, اقترب منه قائد الجند وقال له :
ـ أيها الفتى الراعي.. إن السلطان أضاع خاتمه هنا في هذه الأرض فلا بد أنك شاهدته أو أخذته , إما أن تساعدنا في البحث عنه أو تعطينا إياه إن كان معك .. هيا..
ارتبك الراعي وتوقف مع أغنامه وهمس في داخله:
ـ ياربي سوف يقطع رأسي وأموت, كيف يصدقونني أنا بريء.. ولم أعثر على الخاتم ولم أره مدى حياتي.
التفت إلى السلطان وتوسل إليه:
ـ رحماك يامولاي… لم أعثر على الخاتم, فأنا لم أر خاتمك في حياتي، أنا كما تراني راع فقير وهذه هي مهنتي في البراري طوال النهار أسرح مع أغنامي صاح به السلطان:
ـ أيها الراعي.. أنبش في التراب. فتش بين الأعشاب مع هؤلاء الجنود إنه هنا سقط مني عندما كنت في رحلة صيد منذ يومين.
بكى الفتى ورفع يديه للسماء وقال :
ـ يارب ساعدني, لن أغضبك يوماً, ولن أغضب أمي ولم أؤذِ أحداً..
والناس يحبونني وأنا صادق وأمين, ماذا فعلت حتى يكون يومي شؤماً ساعدني يارب .. كيف أجد الخاتم وأنجو من سيف السلطان الذي لايرحم؟..
نبش التراب .. وتطلع بين الأعشاب, فتش في كل حفنة تراب أمسكها.. وبكى..
توسل وصاح من أعماقه رضاك يا أمي..
ثم أمسك حفنة تراب أخرى, وإذ به يرى في التراب شيئاً يلمع أمسكه وتطلع إلى السلطان مندهشاً:
ـ أهذا هو خاتمك يامولاي؟
ضحك السلطان وأجابه مسروراً:
ـ إنه هو.. هو والله..!! لكن أخبرني كيف وجدته, ولماذا قلت رضاك يا أمي..
ـ يامولاي .. أنا أحب أمي وأسعى لرضائها وكلما خرجت من البيت تدعو لي وتقول:
ـ يابني .. أرجو من الله كلما أمسكت التراب بيدك ينقلب ذهباً.
وهاهو رضاء الله ورضاؤها أنقذاني يامولاي. ابتسم السلطان وسرّ من سلوك الفتى وقال له :
ـ سوف أكافئك مقابل الخاتم ذهباً تعادل حفنة التراب وأكثر لأنك تحب والدتك وتسعى لرضائها.
رامية الملوحي
المزيد...