أكد الدكتور تيسير حسون، إستشاري الطب النفسي في منظمة الصحة العالمية أنه عندما يكون كل من حولك قلقاً ومتوتراً، فإن الطريقة الأفضل لتبقى معافى وتساعد من يحتاجك، هي أن تعتني بنفسك . و أضاف الدكتور حسون قائلا ” لقد قلب كوفيد-19 الحياة كما نعرفها رأساً على عقب. فلأشهر مضت، لم يكن لأي شخص أن يتخيل أن مصافحته لصديق أو تناوله فنجان قهوة في كافتيريا، أو حتى السير في الشارع، سيكون ترفاً من عهد مضى. فالتغيرات التي نشاهدها يوميا، بل لحظياً تسبق قدرتنا على التوقع.
ولا يقتصر الأمر على التقارير والأخبار التي نتلقاها أولاً بأول ومن كل الاتجاهات والمصادر، فنحن لا نستطيع الانخراط في روتينات اعتيادية تساعدنا على التكيف. ولهذا نغدو أكثر عصبية وأقل صبراً وهدوءاً. إن قطع الحياة الروتينية وانعدام اليقين يؤثران تقريباً على كل وجه من وجوه حياتنا الحالية.
يثير انعدام اليقين استجابة الخوف: فما نختبره كنتيجة للجائحة غير مسبوق في مناح عديدة، بما في ذلك مقدار انعدام اليقين الذي نواجهه. وتكمن الصعوبة في التعامل معه في أنه يثير الخوف، ونحن ننظر إلى انعدام اليقين كخطر محتمل على سلامتنا. إذ لا نعرف مثلاً كيف سيؤثر الفيروس جسدياً علينا أو على أحبائنا، وكيف سيتأثر عملنا وقدرتنا على تأمين متطلباتنا الحياتية لنا ولأسرنا وكيف سيتأثر تواصلنا الاجتماعي مع من نحب . فعندما نتعرض عادة لضغوط مجتمعية كبيرة، فإننا نهرب منها إلى الروتينات الصغيرة. لكن الحال يختلف مع كوفيد-19، لأنه حتى هذه الروتينات الصغيرة تتأثر بشكل كبير .
ثمة العديد من استراتيجيات التكيف الصحية التي يمكننا استخدامها لإدارة الضغط النفسي والقلق أثناء الجائحات، ومنها:
1- ابدأ بنفسك: لم تكن رعاية الذات ذات أهمية أكبر مما هي الآن. عندما يكون كل من حولك قلقاً ومتوتراً، فإن الطريقة الأفضل لتبقى معافى وتساعد من يحتاجك، هي أن تعتني بنفسك. حاول أن تنام وتأكل جيداً وبصورة منتظمة وأن تقوم ببعض التمارين يومياً حتى لو كانت داخل البيت أو على الشرفة. إن قيامك بهذه الأمور سيساعدك على أن تحافظ على هدوئك وتركيزك. ولهذه الخطوات أولوية الآن: فهي تمنحك الحس بالسيطرة على جسدك وانفعالاتك، فضلا عن أنها تساهم برفع درجة مناعتك (أي شيء يخفض الضغط النفسي، يرفع المناعة).
2- لا تحكم على قلقك أو قلق من حولك. كن رحيماً ويسيراً وهون على نفسك وعلى من الآخرين من حولك. فالوضع غير اعتيادي، ولست بحاجة لأن تجلد نفسك لشعورك بالقلق. اعترف بمشاعرك وفكر كيف تتعامل معها. وبنفس الآلية، لا تحكم على الآخرين بسبب قلقهم أو رد فعلهم. ستفوت الكثير من الأشياء على الناس، كمناسبات الأعراس والأحداث الرياضية والأحداث الشخصية خلال الفترات القادمة، حيث ستغمرهم مشاعر الحزن وكذلك الإحباط. هذه المشاعر حقيقية، حتى لو كنت ترى أن ثمة ما هو أكثر جدية بالنسبة لك. من المهم أن يحافظ الجميع على منظور أوسع للاشياء، ولكن مع ذلك، نحتاج أن نمنح أنفسنا (ولمن حولنا) الإذن لنشعر بالمشاعر التي لدينا.
3- ابقى على تواصل-افتراضيا: حتى لو لم نكن على مقربة فيزيائية، من المهم أن نكون على مقربة اجتماعية وأن نبقى متصلين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والاتصال الهاتفي والاتصال بالفيديو.
4- مارس القبول: حاول أن ترتاح قدر استطاعتك أن ترتاح مع فكرة أن الأشياء- بما فيها تلك التي يمكنك السيطرة عليها بشكل طبيعي- لم تعد تحت سيطرتك. حالياً الثابت الوحيد هو التغيير. ومن الصعب أن نتبنى ذلك إذا كان التغيير سريعا ودراماتيكياً، لكن ترك الأشياء التي لا يمكنك السيطرة عليها تساعدك على التركيز على الأشياء التي يمكنك السيطرة عليها. وابدأ من حديث داخلي مع نفسك. قل لنفسك أنك ستركز على الأمور التي يمكنك السيطرة عليها مثل طبخ وجبة أو اتصال مع صديق الخ.
5- ركز على الحقائق: من المهم أن تبقى على اطلاع على التحديثات والتعليمات فيما يخص الفيروس، لكن ركز على الحقائق دون إضافة “ماذا لو”. وإذا وجدت نفسك في حلقة من التفكير الكارثي، مارس التنفس العميق وتقنيات التركيز الواعي.
6- تجنب غمر المعلومات: يرافق جائحة كوفيد-19 جائحة معلومات من كل صوب. اعتمد على مصادر موثوقة ومحددة لمعلوماتك، ولا تنتقل من محطة إلى أخرى أو من موقع إلى آخر، فذلك يزيد القلق. الفيسبوك والواتس ورأي غير المختصين ليست مصادر للمعلومات الموثوقة. من الأفضل أن تمضي ولو بعض الوقت في الإطلاع على تحديثات منظمة الصحة العالمية بدل البحث في مواقع تزيد التشوش والقلق الشعور بانعدام السيطرة.
7- اغتنم الفرصة للفكاهة والضحك: صحيح أن الوضع جدي، لكن الابتسام والضحك يجعل يومك أكثر إمتاعا. ابحث عن التفاصيل التي تحمل الفكاهة والظرف، مع من حولك أو من وسائل التواصل الاجتماعي أو الفيديو الخ.
8- مارس الامتنان فيما لديك: امض بعض الوقت في الأشياء التي تجعلك تشعر بالامتنان، ثم عبر عن امتنانك للآخرين. أخبر أصدقاءك وأسرتك كم تقدرهم، وعندما يبادلونك التقدير، اقبل تقديرهم وامتنانهم. يمكن لتبادل مشاعر الامتنان هذه أن تجعلنا نشعر شعورا أفضل. كما يمكن الامتنان للتفاصيل الصغيرة التي لا زلنا نمتلكها ونعيشها.
9- اضبط وسيطر على الأشياء التي تستطيع السيطرة عليها: ركز على مناحي من روتين حياتك لا زلت تقوم بها، أو اخلق روتينا جديدا يناسب وضعك الحالي. يمكن لهذا أن يساعدك على أن تبقى على السكة أثناء اليوم، وهو شعور يمنحك الطمأنينة. ابحث عن الفرص التي لطالما أجلتها وتمنيت لو كان لديك الوقت لفعلها مثل تعلم لغة على النت أو قراءة رواية أو مشاهدة أفلام . ”
إعداد عهد رستم