نشاط ثقافي وادبي جديد، ينضم الى باقة نشاطات صالون سلمية الثقافي، يقوم على الحوار والنقاش وتبادل الاراء والافكار حول قضية ادبية من شتى انواع الادب وفنونه.
النشاط الجديد بعنوان ” حوارات ادبية” باشراف الشاعر سليمان الشيخ حسين، يقام كل اسبوعين مرة، يقدم فيه ورقة ثقافية يقدمها احدهم، تخضع للنقاش والمداولة والحوار.
باكورة هذا البرنامج الجديد، كانت ورقة بعنوان” قصيدة النثر واشكاليتها واهم روادها في سلمية، قدمها الشاعر ايمن رزوق قال فيها:
خيارك في الحداثة ،وقصيدة النثر ،هو خيار وجودي مؤسس على شرطه التاريخي ،ولن يكون خيارا عابراً لشكل كتابي فني ،فقط
فالمراهنة على حداثة الشكل الجديد في بنية الشعرية ، تعني التخلص من أعباء
الترهل والرتابة والتكرار والعيش في الماضي ، وخيار أن تعيش عصرك وتبني مع المتغيرات الهائلة التي حصلت في الرؤيا والمعرفة والتذوق وإشكاليات المعرفة والثقافة المعاصرة وعلوم العصر التي تتراكم وتأخذ الإنسان العالمي الى أماكن جديدة لم يكن يحلم بها ..
قصيدة النثر من الثقافة الكتابية المعاصرة ،مثل الرواية والسينما والقصة القصيرة بأشكالها المختلفة وتععدد تجلياتها و الدراما والتشكيل ، كلها فنون جاءت لنا مع الترجمة والثقافة العالمية المعاصرة ..
ولكل هذه الفنون ،بوادر عربية في تراثنا ،بوادر وليست جذور قوية ..
في النثر الفني ،مثلا نقول ، مزامير داوود والقرآن ، ومقولات بعض المتصوفة ، بوادر النثر الفني الشعري ،الذي حاول ان يقول ،ان الشعر من الشعرية وطريقة ابداء الوصف والتصوير بصياغة غير ملموسة سابقاً ..بعيدا عن الوزن العددي الثابت ..وبعضه حاول في الوزن العددي غير الثابت معتمدا على تكرار التفعيلة دون حساب عددي ثابت..
لقاء العربية مع الترجمة ،في منتصف القرن الثامن عشر ، انتج النثر الشعري الفني الأدبي ،مع جبران خليل جبران وأمين الريحاني ،ومي زيادة ..
بعد ذلك مع اورخان ميسر وديوان ” سريال ،
وفي النصف الاول من القرن العشرين
دخلت قصيدة التفعيلة ،مع السياب ونازك الملائكة ،وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي ،وخليل حاوي وصلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي ..وتابعت مع علي الجندي ومحمد عمران وفايز خضور وممدوح عدوان وعلي كنعان وشوقي بغدادي ..
وكانت مرحلة ،سميت خطاً ب ” الشعر الحر ” وهي تسمية غير صائبة ،لأنها تقليد جديد مترجم عن الإنكليزية ..
والشعر الحر ،عالميا ،هو قصيدة النثر ..
مع محمد الماغوط وسليمان عواد واسماعيل عامود وادونيس ويوسف الخال
في سلمية
كان لجبران ورامبو والترجمة عن الفرنسية ، دور في التواصل الإنتاجي لقصيدة النثر
سليمان عواد ،وهو من الذين تواصلوا مع القصيدة الفرنسية مباشرة
محمد الماغوط ،الذي أخذ خطا مائزا في قصيدة النثر
اسماعيل عامود ،الذي كتبها مع الأشكال الاخرى ..
بعدهم جاء جيل الثمانينيات من القرن الماضي وبعضهم مستمر في كتابتها وتطويرها الى اليوم ..
ومنهم انتشرت حاليا بين جيل الشباب بحالات متعددة ومستويات مختلفة .
وختم الشاعر ايمن رزوق ورقته بالسؤال الذي كان فاتحة الحوار والنقاش، وهو هل لقصيدة النثر المعاصرة جذور في اللغة العربية؟
مداخلات…
* الشاعر والاعلامي فاتح كلثوم اجاب عن هذا السؤال بقوله: ان النقاش حول موضوع قصيدة النثر موضوع شائك ومعقد، وهل قصيدة النثر هي شعر حر، او هي غير ذلك؟ هي اراء مختلفة.
وانا برأيي بان الادب بكافة اشكاله عالمي، ونحن لنا بصمتنا فيه بالتأكيد.
قصيدة النثر جاءت من الغرب ، ونحن لنا رؤية أخرى بانها خيانة للغة العربية .
قصيدة النثر ولدت ليس من اجل التخلي عن الاوزان، هي بنت حضارة بورجوازية، دخل فيها سارتر ومارتن وماركس وغيرهم.
قصيدة النثر هي قصيدة جماهيرية مثقفة، عندما نريد ان نكتب قصيدة النثر يجب ان نتخلى عن الاوزان، ومعظم كتاب قصيدة النثر تخلوا عن الاوزان لانهم لا يعرفون الاوزان.
الشاعر عبد العزيز مقداد قال: لم يكن لدى العرب قصيدة نثر، بل ارتجال، وقصيدة النثر هي احدى مفرزات عصر النهضة ” لاجئ غربي” الاشكالية هل هي قصيدة نثر ام لا؟ انا مع تسمية نص نثري وليس قصيدة نثرية.
الشاعرة ثناء احمد قالت: هناك جدالات وتباينات بالاراء حول ماهية قصيدة النثر، حول الحداثة ومفهوم التطور، الشعر بالعصر الاموي مختلف عنه في العصر العباسي او الاندلسي او غيرها.
الشاعرة هيفاء خلوف قالت” انا مع تطور القصيدة لتصبح نثرية، لانها مفتوحة وليست معقدة او مقيدة.
الشعر الخليلي حكر على المنطقة العربية وسيبقى مغلقا لانه من الصعب ترجمته، بينما قصيدة النثر يمكن ان تترجم، هي بالمجمل تمنح تحليقا للشاعر اكثر من الموزونة، يستطيع التعبير عما بداخله بحرية اكبر وبتعبير اوسع.
الشاعر عدنان الخطيب قال:
عنصران مهمان بالنسبة للقصيدة هما الشكل والمضمون، هما اللذان يكونان اي حالة ابداعية.
نقطة مهمة لقصيدة النثر ان لها ملامح كقصيدة.
الفرق بين الشعر والنثر هو ان النثر حالة كنائية، تجاوزت المفردات، وصف الاشياء كما هي تسمى نثرا.
اللغة لها علاقة بالمفرد، بالجملة، بالنص.
القصيدة هي جمل ذات ايحاء، الشعر يحرك خيالنا.
” الادب لا ينزل الى مستوى الجماهير، هو بنية فوقية، على الجماهير ان ترتقي بنفسها لتصل الى مستوى الادب” ( مقتبس).
حتى
عندما اريد ان اكتب اكتب عن شيء، الشعر يحتاج الى خلخلة بالجملة.
ملامح القصيدة النثرية هي وحدة الموضوع، وحدة اللغة، وانسجام المفرد مع الموضوع.
القصيدة النثرية ليست منتهية، بل متطورة، الشعر الحر يعني ان تحرر من التفعيلة وهو غير النثر.
الشاعرة ميساء سيفو قالت:
كان موضوع ورقة الحوار قصيدة النثر في سلمية، ولكنه توسع زيادة الى قصيدة النثر.
وانا برايي ان قصيدة النثر لها ملامح وليست محددة.
هناك تقليد اعمى لتجارب الغرب والترجمات الغربية، فهل هذا الشيء يخدم القصيدة ام يكسر اجنحتها؟.
الشاعر أمين حربا قال:
الشعرية موجودة في كل الأنواع الادبية، في الرواية والقصة والمسرح.
في الشعر العربي يجب ان تكون الكلمة مرتبطة بالموسيقا.
الفرق بين الشعر العربي وقصيدة النثر، فالشعر هو اللعب على الحبل، اي خلل تسقط، بينما النثر هو الانطلاقة في السهول والمساحات الواسعة، قصيدة النثر ليس لها جذور عربية ، نحن اتباع انماط جديدة.
الشاعر سليمان الشيخ حسين المشرف على ندوة الحوار قال:
فكرة البرنامج بان يقدم احد الحضور محورا من المحاور الادبية نسميها ورقة ثقافية او ادبية، وذلك بهدف تفعيل الحراك الادبي والخروج عن نمط الامسيات الشعرية او القصصية وغيرها.
وورقة اليوم حول قصيدة النثر و اضاءة على اعلام النثر في سلمية .
وانا اقول ان الادب عالمي ولنا بصمتنا بالتاكيد، المكان والجغرافيا والتاريخ ليست مشروعا شخصيا، هي كونية.
قصيدة النثر غير منتمية ، هي ملامح تتطور مع تطور القيم، هي التعبير الحر عن التفاعلات بالالم والفرح والعيش بالطبيعة.
لنا رأي
فكرة ” حوارات ادبية” كبوابة فكرية حوارية ، نقاشية جميلة.
وانطباعنا عما خلصت اليه ورقة النقاش وهي قصيدة النثر واهم اعلامها في سلمية، بانها ذات تباينات كبيرة في الاراء المقدمة حول ماهية هذا النوع الادبي وتعريفه، مع ملاحظة انه كنا نتمنى من مقدم الورقة ان يغني ورقته بشواهد ومقاطع نثرية لشعراء من سلمية تدعم الفكرة، ولكن خرج الحوار عن منحى ومضمون العنوان؛ ولكن في الختام كل ماقدم جميل، وان ساد الاختلاف في الاراء فخلاف الرأي لا يفسد للود قضية..
سلمية … نصار الجرف