مازال الوقت يشهر حدّهُ القاطع الفاصل أمام تحركاتنا، ينذرنا دائما بضرورة السرعة، ولا تزال هذه السرعة تحفر لنا الحفر وتنصب الأفخاخ لتوقعنا فيها ونحن نحاول الهرب من موس الوقت.
قد تكون الساعة أجمل لوحة وأكثرها ضرورة لتزيّن حائطنا الأبيض.. (لتزيّن).. لا نفكر أبعد وأعمق من فكرة التزيين.. إنها الساعة أيها البشر.. التكات.. الدقائق والثواني وجزيئات الزمن التي تمضي غير آبهة بنا ولا مشفقة على حالنا البليدة الكسولة.. إنها الساعة التي أشهرت سيفين مصقولين ووضعتهما شاربين متحركين في وسط وجهها المبتسم ابتسامتها الصفراء الشهيرة..
هما ليس عقربين.. إنهما سيفان مسنونان للقطع والتشريح والتلذذ بدماء المجزرة التي نرتكبها نحن دون أن ندري مصيبة ما نفعله من إهمال للزمن الذي يمر.. إننا ضحايا السرعة التي يتسببها الوقت المستمر بالمضي دون توقف أو حتى استراحة المحارب..
عشرة وعشرة.. زمن متوقف.. متفق عليه أن يكون هكذا..
(عشرة وعشرة).. توقيت المتاجر التي تعتني بعرض وبيع الساعات على مختلف مقاساتها وجودتها وسبب اقتنائها..
تاجر التحف يعرض ساعاته بتوقيتها المتوقف(عشرة وعشرة).. تاجر ساعات اليد والمنبهات يعرض ساعاته بتوقيتها المتوقف(عشرة وعشرة)..
ما سرُّكِ يا عشرة وعشرة؟.. أسأل نفسي: لابد أن لهذا التوقيت سرّ يتعلّق بضرورة الزمن وحسابه بشكل عام.. أسأل التجار عن السبب، البعض يقول بأنه لا يعرف أو هو بالأصل لم ينتبه إلى ذلك.. وبعضهم يخبرني بأن الساعات تأتي من الموزّع أو الصانع هكذا..
أبحث هنا وهناك عن إجابات تشبع فضولي الذي يخبرني بأن لا بد من سرّ عظيم يحفظ كرامة الوقت وعزة نفسه وكبريائه وماء وجهه للتذكير بأهميته وليس فقط مجرد عقربين محبوسين داخل مجسم نطلق عليه اسم الساعة ونستمتع فقط بمنظرها كديكور تراثي محبب..
المفاجأة كانت مخيبة للأمل..
عشرة وعشرة هو توقيت عالمي متفق عليه بين صانعي الساعات والماركات الشهيرة لها.. السرّ هو اسم ماركة الساعة الذي يُنقَش في منتصفها بين مركزها والرقم ١٢ فتأتي عشرة وعشرة توقيت يظهر اسم الماركة للساعة بشكل كامل فتغدو علامة انتصار أخرى للتفاهة على حساب الضرورة وتُقَدِّم للوقت ابتسامته الصفراء على طبق من ذهب فترتفع موسه التي تشبه المقصلة وتقطع رؤوسنا جميعنا .
وكما يقول البُجيرمي رحمه الله:
تخيّل -عزيزي القارئ- يرعاك الله.. أنا ياسيدي لااااااا أستطيع..
كنانة ونوس