لو أسلمنا أننا صادقون أمام أطفالنا في كل مانقوله لهم، فإننا لا نصدق أنفسنا، ولا نصدق الآخرين… ليس المطلوب منا كأهل أولا وكمربين ثانيا أن نكون صادقين بالمطلق أمام أطفالنا، القليل من الحيلة كرشة ملح منكهة للصدق تنفع كثيرا في مواقف نضطر فيها لإفهام طفلنا الصح والخطأ والفرق بينهما بعيدا عن الصدام المباشر معه.. عزيزي القارئ.. طفلك ذكي جدا بحسب أبحاث كثيرة قام بها عدد كبير من علماء نفس الطفل، تؤكد هذه الأبحاث أن طفلك هو في الغالب يعلم أنك تتحايل عليه فيستقبل حيلتك بهدوء وتفكير حتى تهدأ الأمور الآن بينما سيشعلها مرة أخرى وفي وقت آخر.. أحيانا تضطر الأم إلى التحايل على ابنها وتحذيره كي ينام قائلة له: نم قبل أن يأتي الكلب الذي يعض الأطفال.. الطفل هنا بحسب علماء النفس لن يستقبل هذا التهديد ولن يستجيب له بدافع الغباء، على العكس تماما سيستقبله ويستجيب له بدافع الذكاء فبحسب تفكيره فإن الكلب يعض الإنسان النائم فعلا وسيكون سهلا عليه ذلك وهو نائم أكثر منه وهو مستيقظ، هنا سيغمض عينيه وسيسلم أمره لأمه التي ستتولى الدفاع عنه أثناء نومه إن هجم الكلب عليه ليعضه. طريقة أخرى يستعين بها الوالدان إذا كانا يعانيان من طفلها الذي يبكي بدون توقف ، تحاول الأم أن تخبر الأب هذا الخبر متقصدة أن يسمع الطفل: عزيزي؟ هل سمعت ماحصل لصوت عامر ابن جارنا؟ مسكين عامر.. يسأل الأب: ماالذي حصل لصوته أخبرينا؟، تقترب الأم من الأب وتقول بحزن: صوته زعل منه لأنه كان يبكي دائما وذات ليلة بكى كثيرا إلى أن تعب ونام وفي الصباح عندما استيقظ أحس بأنه فقد صوته، وعندما أراد أن يطلب من أمه قطعة حلوى لم يستطع ذلك لأن الكلام لم يخرج أبدا من فمه، وبقي من دون حلوى ومن دون طعام، حتى أنه لم يكن قادرا على البكاء ،فكيف يبكي عامر المسكين من دون صوت..(يستغرق الطفل في الإصغاء وهو يتخيل هذه المراحل التي مر بها عامر الذي تركه صوته) وتستمر الأم بالسرد: وبعدها قرر أبوه وأمه أن يبحثا عن صوته، بحثا كثيرا حتى وجدا الصوت مختبئا بين أوراق شجرة الخوخ في حديقة المنزل، كان الصوت حزينا ويبكي بمرارة وهو يرتجف من البرد فسألاه لماذا تركت حنجرة عامر وزعلت منه؟ يجيب الصوت: لقد أزعجني بصراخه المستمر حتى مرضت وهربت منه، وتطلب أم عامر من الصوت أن يعود إلى حنجرة عامر بعد أن وعدته أن يتوقف عامر عن البكاء كي لا يزعجه بعد الآن فيهرب. من خلال هذه المحاولة في التحايل على الطفل صاحب العادة السيئة في البكاء نجد أن الخيال هو المسعف اللطيف الذي سيعالج المشكلة هذه وأي مشكلة أخرى بلا أضرار تذكر وبرفقة الكثير من العبر.. عزيزتي الأم القارئة.. عزيزي الأب القارئ.. طفلكما أذكى مما تتخيلان.. صاحباه واجعلاه رفيقا ووظفا خياله بما يستخلص منه العبر والأحكام واسمحا له بالخطأ كي يختار الصواب في المرة المقبلة وذلك من خلال وصفة صغيرة وبسيطة جدا ألا وهي الحكاية.. لن تندما صدقاني..
كنانة ونوس