من كتاب للكاتب المسرحي عبد الفتاح قلعجي قريب الصدور عن الهيئة العامة السورية للكتاب بعنوان ” من المسرح الشعري” نقرأ عن مسرحية بطلاها ليلى وحبيبها قيس: مسرحية “أغنية المسافر الوحيد ، ليلى والمجنون” نموذج للتعامل مع التراث لم يَرِد نظيره حسب علمي في أدبياتنا ومسرحنا، إنه الانزياح التام للشخصيات الرئيسية (قيس وليلى) من فضائهما الروائي الواقعي إلى فضاء آخر متعال، فيبدوان وكأنهما يسبحان في الملكوت، في رحلة طويلة نحو عالم الكمال والحبيب الأعلى. إنها مسرحية سلوكية عرفانية، فقيس (مجنون ليلى) هو السالك في طريق المعرفة وبين جزائر السلوك بهديٍ من حبيبته ليلى، ليصيد بعض الكماليات السلوكية والأخلاقية المعرفية من كبار الشخصيات التاريخية التي يلتقيها ليصل في النهاية إلى مرتبة الإنسان الكامل ويتحد بمحبوبته ليلى ككائنين نجميين ليصبحا كائناً واحداً مؤهلاً للقاء الحبيب الأعلى. “أغنية المسافر الوحيد” لا يُعتمد في بنيتها الإيقاعية إيقاعات التفعيلة الشعرية الظاهرية، وإنما تعتمد إيقاع النبض، أي الإيقاعات الخفية الداخلية وهي المكوِّن الأساسي في قصيدة النثر والتي تحملها الأخيلةُ والصور والسردُ المشعشع والبناءُ اللغوي والدرامي والعبارات المشحونة درامياً بشحنات الوجد النفسية. هذه المسرحية نوع متفرد من أدب الرحلات الخيالية تحتاج إلى قارئ خاص باحث عن مغامرة الفكر والروح يجد نفسه مضطراً إلى الإبحار مع المجنون إلى عوالم لم تسرد من قبل.