المرأة العظيمة المُغَيَّبة وُلِدْتُ عام ١٨٧٥ في (تتل) بالمجر في منطقة تُعَدُّ اليوم جزءٌ من يوغسلافيا، والدي صربي يعمل موظف بسيط في صربيا.. أحببْتُ الرياضيات والفيزياء واختصيتُ فيهما.. تعرّفتُ على زوجي في الجامعة وكان يدرس نفس الاختصاص، لعبْتُ دوراً عظيماً في ثورة الفيزياء النظرية، وأنا إحدى النساء القلائل التي تمّ قبولهنّ في ال ETH وهو التسجيل المباشر للدراسات العلمية العليا آنذاك عام ١٩٠١. وأنا الزوجة الأولى لعالم فيزيائي ألماني وصل إلى جائزة نوبل عام ١٩٢٢ وكنت أنا من أوصله إليها. إلبرت إينشتاين.. هذا العبقري المجنون، كثيراً مااعترف بمخطوطاته ورسائله التي تم اكتشافها حديثاً بأنني شريكته في إنتاجاته العلمية.. أنا امرأة لم ينصفني التاريخ وتجاهل إنجازاتي عن قصد وإصرار زملائي العلماء على الرغم من أن إصدارات إينشتاين الأولى كانت موقعة باسمي واسمه معاً ليس هذا فحسب بل غيّبوا تماماً جهودي الكبيرة عن طريق إخفاء أغلب الأدلة التي توضح أن عبقرية إينشتاين أنا من صنعها، ولكن لست حزينة لأن إينشتاين أنصفني وهذا يكفيني.. هناك الكثير من المقالات العلمية لي الفضل الأعظم والحصة الأكبر في إتمامها ونجاحها ولكن كانت تنسب له وحده.. أنا المرأة التي تصوّب له معادلاته دائماً فبعد تسع معادلات خاطئة يضعها إلبرت كانت العاشرة بتوقيعي مُصَحَّحة تنتظره على مكتبه عندما يستيقظ.. هناك الكثير من الرسائل التي تبادلناها أنا إينشتاين واكتشفها العالم الآن توضّح أن نظرية النسبية هو عمل مشترك بيني وبينه.. حتى بعد وفاتنا.. لا يزال النقاش يحتدم حول هذا الاكتشاف.. اكتشاف أني المرأة العظيمة صاحبة التوقيع الأخير والأنامل الذهبية التي وراء الرجل العظيم والعبقري إينشتاين، فمنذ إصدار أوراق العالم إينشتاين عن جامعة برنستون والتي كانت مخبّأة لا يعلم بها أحد ولم يطّلع عليها إنسان من قبل، قد أماطت اللثام عن هذه الواقعة المفاجئة ثم انتقل النقاش إلى العلن وبحدّة خلال الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للتقدم العلمي مابين رافض لهذه الحقائق ومقتنع بها، ويستمر النقاش في حدته في كل اجتماع.. لكن إينشتاين الرجل الذي أحببته وتزوجته رغم أني أكبره بأربعة أعوام لم يهمل دوري الذي كان دائما يشيد به في جميع تراجمه بل وأشار إلى ماكنت أفعله في كثير من مخطوطاته إلا أن الرافضين لهذه الحقيقة أظهروا عدائية وحقد وعنصرية تجاهي.. إينشتاين قالها كثيراً.. مراراً وتكراراً.. قال أن السنوات الأولى من زواجه بي كانت الأغزر في إنتاجه العلمي وخصوصاً عمله في نظريته النسبية.. يقول في إحدى رسائله لي وهي موجودة ومكتوبة بخط يده ( تصوري كم هو رائع عندما نستطيع من جديد العمل معاً بدون إزعاج، وقتها ستكافئين أكثر).. ويقول في مكان آخر ( إنني سعيد بأن زوجتي الثانية لا تفهم شيئا في العلوم على عكس زوجتي الأولى).. مازلت أذكر كيف كان يصرخ في وجهي بعد أن يأخذ كل مايريده من معلومات تفيد أبحاثه( اخرجي من هنا الآن وإياكِ أن تدخلي إلى أن أطلبك أنا وإن ناديتك عليك بالمثول أمامي على الفور)… لقد كان إلبرت صعباً في تعامله مع من يعيش معه ولكنه الوحيد الذي أحببت والوحيد الذي لا ينسى مافعلته له حتى وصل إلى ماوصل إليه.. هل عرفتم من أنا؟!.. أنا المرأة المجهولة التي سارع العبقري إليها فور حصوله على جائزة نوبل لإعطائها مال الجائزة لأنها شريكته بالإنجاز وهي تستحق.. أنا المرأة التي أفرحها نجاح العبقري أكثر من أسئلة أصدقائها عن سبب عدم ظهور اسمها مع اسم زوجها على صك البراءة المخصصة للنظرية النسبية فأجبتهم بابتسامة: وما جدوى ذلك إذا كنا نشكل معاً حجراً واحداً.. وهنا لعبت بلفظة إينشتاين لأن إينشتاين تعني بالألمانية حجر.. هل عرفتموني؟!.. أنا التي أعلمت والدي أن إينشتاين سيحصل على جائزة نوبل عندما أرسلت له رسالة أقول فيها ( منذ وقت قصير فرغنا من عمل مهم سيجعل زوجي مشهوراً في كل العالم).. أنا المرأة العظيمة التي وقفت وراء زوجها لتجعله عظيماً فهمشها التاريخ وقذف بها بعيداً.. العالمة (ميليفا ماريتش) زوجة إينشتاين الأولى.. وكلّي فخر…
كنانة ونوس