خاطرة

في حَضرةِ الغيابِ يخشعُ الجَسدُ على كرسي الانتظارِ و تَلهجُ الجوارحُ بالتبتلِ والدعاءِ وتجثو اللهفةُ على رصيفِ الأمنياتِ. تعانقُ الذكرياتُ تلافيفَ الدماغِ بلهفةّ وتتشابكُ الأناملُ على ناصيةِ الأحلامِ. ويعلنُ القلبُ حالةَ الطوارئ القصوى وتفرزُ الغددُ مافي جعبتِها من ادرنالين الاشتياقِ. فتَتسارعُ النبضاتُ وتتقاربُ الشهقاتُ وتعلنُ الروحُ حالةَ الاستنفارِ العامةِ. فترتفعُ حرارةُ الشوقِ و تتحركُ دورياتُ البحثِ والتقصي ضمنَ الدورةِ الدمويةِ في محاولةٍ للقبضِ على مشتبهٍ بهِ تسللَ خلسةً من خلالِ مسامِ الذكرياتِ، ويرسلُ الدماغُ سيالاتِهِ الشغفية صوبَ الحواسِ الستِ، علَّها تحظى صدفةً ببقايا صورٍ أو رائحةِ ذكرى أو طعمِ حنينٍ أوهمسةِ عتابٍ أولمسةِ عطفٍ أو شهقةِ وداعٍ . وعندما ترتدُ على أعقابها خاليةَ الوفاضِ يهيجُ الشوقُ وتنهمرُ العبراتُ وتحشرجُ النفسُ وتختلطُ الآهاتُ بالحسراتِ وتنكفئُ الذاتُ على ذاتهِا وتعانقُ الروحُ نفسَها ويغطُّ العقلُ في سباتٍ عميقٍ بانتظارِ عابرةِ تفكيرٍ تمنحهُ قبلةَ الحياةِ وترفرفُ الروحُ في ملكوتِ الأطيافِ علَّها تعثرُ على طيفكِ محضَ حلمٍ…
عبد الرزاق قبا حليل
المزيد...
آخر الأخبار