الرئيس الأسد ‘انا جزء من الشعب وعلاقتنا مباشرة.. ودائماً من قلب الصورة المظلمة لابدّ أن نجد نقطة ضوء
من حلب إلى اللاذقية، مُحاطاً بالسوريين وآلامهم، و«آخ» طويلة تخرج من شفاه المنكوبين المكلومين، لتنطق بما في القلوب من أسى ولوعة، وتحكي روايات الفقد وعذابات الانتظار، انتظار الإنقاذ، أو انتظار من ينتظر الإنقاذ، فإذا ما خرج حياً ارتسمت بسمة، وإذا ما خرج «فقيداً» ارتسمت دمعة لاتكاد تخرج من محاجرها التي جفت وجعاً وحسرة طوال الأيام الستة الماضية مابعد زلزال فجر الإثنين الماضي.
مُحاطاً بالسوريين وتلك الـ«آخ» الطويلة، يستمع الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد من أهالي اللاذقية وجبلة إلى روايات «نكبة» ألمت بهم ذات صباح، وسيبقون لأجيال يروون تفاصيلها، وعذاباتها على من فقدوا، وعلى ما حلّ ببيوتهم وأرزاقهم من خراب ودمار.
هل تعرفون لماذا لمْ (ولا) يَحبس السوريون تلك الـ«آخ» في حضرة الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد، هل تعرفون لماذا يقولون «آخ» ليس «أه»؟
«آخ السوريين» هي من الـ«أخ» بمعنى يا «أخي» ويطلقونها في الوجع والمحن ولا يطلقونها إلا للأخ وأمامه، ولأنهم يجدون في الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد، أخاً وأختاً، يطلقونها أمامهما.. وأكثر من ذلك لا يطلقها السوريون طلباً للعون والمساعدة بقدر ما يطلقونها طلباً للمواساة ومداواة القلوب المجروحة والأرواح المكلومة.
هذه المعادلة الإنسانية الاجتماعية، بين قائد وشعب، يختص السوريون بها، فلا تجد مثيلاً لها في أي بلد، ويتباهون بها، لأن السوريين على مرّ التاريخ بمختلف فئاتهم لطالما كانوا عائلة واحدة، حتى من يأتي إليهم مستنجداً مسترحماً، يجد نفسه ضمن هذه العائلة.. هذه العائلة هي التي يستهدفها دائماً الأعداء والخصوم.
في حديثه للسوريين وهو يتوسطهم، يؤكد الرئيس الأسد على هذه المعادلة فيقول: «نحن نريد أن نكون مع الناس لأن هناك شيئاً نلمسه، فالعلاقة المباشرة.. شعور، معنويات، حاجات، تفاصيل كثيرة، لا يمكن أن نلمسها بالطرق الرسمية، وهذا شيء طبيعي، لذلك أنا لا أتعاطى مع الناس بالرسائل وإنما بالعلاقة المباشرة، هذه طبيعة علاقتي مع الشعب السوري، أنا جزء منه».. «نحن نبحث دائماً في قلب المشاكل القاسية أو الصورة المظلمة عن نقطة ضوء، وهذه القاعدة عامة في أسلوب عملنا وخاصة بعد الحرب».
ويضيف سيادته للخارج الذي لا يفهم هذه المعادلة، مؤكداً من جديد لمن يعتقد أن الغرب لديه جانب إنساني، أن هذا الجانب غير موجود، وأن الحديث هو عن الأنظمة السياسية الغربية وليس شعوبها، ويقول: «إذا كنا نتحدث عن الغرب وموقفه وموقعه بالنسبة للحالات الإنسانية، وبالنسبة للتعاطي الإنساني بغض النظر عن الزلزال، وبغض النظر عن أي حالة كارثية، فالغرب لم يغيّر موقعه، بالعكس كل شيء ثابت بالنسبة له».
الشعوب العربية هي الأكثر فهماً للمعادلة الاجتماعية السورية، يتابع سيادته مؤكداً على قوة الشعور العربي لديها والذي لم يتبدل ويقول: «أولاً نحن شعوب عاطفية، وثانياً لدينا انتماء واحد»..«ربما يتغير شكل الانتماء ولكن مضمون الانتماء لا يتغير.. هذه هي الحالة التي نراها من تعاطف شعبي قبل الرسمي هي حالة طبيعية، ويجب أن نبني على هذه الحالات ويجب أن نفهم ونتعمق بالتفكير لكي نتجاوز كل ما يُطرح في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي والبروباغندات العالمية بأن الإنسان يتحول إلى إنسان روبوت أو رجل آلي بعيد عن العواطف، بعيد عن الانتماءات وعن المبادئ والأخلاقيات، هذا غير صحيح».
ولم ينسَ سيادته في زيارته هذه أن يشكر فرق الإنقاذ والأصدقاء الروس الذين مازالوا يتواجدون يداً بيد مع السوريين على الأرض، وذلك بعد أن زار والسيدة عقيلته المصابين والعائلات المتضررة واطلعا على العمليات المستمرة للإنقاذ وإزالة الأنقاض.