ذكرنا زميلنا رئيس تحرير جريدة الفداء عبد اللطيف اليونس ، بأسماء هامة من شعراء محافظتنا الحبيبة و وجوب تقديم مادة صحفية عن المتميزين منهم ، فكان للشاعر فايز خضور حصة وافية في حديثنا ، بعد ما قدمه للشعر العربي عامة ، و السوري خاصة .
فايز خضور
مواليد 1942 من مدينة سلمية في محافظة حماة ، تخرج من جامعة دمشق قسم الأدب العربي سنة 1966 ، بعدها عمل مدرسا لعام واحد و انتفل للعمل في المجال الصحفي و الأدبي بين دمشق و بيروت ، تسلم مناصب عدة ، منها : أمانة تحرير جريدة الأسبوع الأدبي ومجلة الموقف الأدبي ، و ما يزال يعمل حتى اللحظة في اتحاد الكتاب العرب ، له عدة دواوين منها : الظل وحارس المقبرة، صهيل الرياح الخرساء، عندما يهاجر السنونو، أمطار في حريق المدينة، كتاب الانتظار، ويبدأ طقس المقابر، غبار الشتاء، الرصاص لا يحب المبيت باكراً، آداد، ثمار الجليد، سلماس ،ديوان فايز خضور، المجلد الأول 1987، نذير الارجوان، ستائر الأيام الرجيمة، حصار الجهات العشر، قدارس الهلاك، و مصادفات، 1999 ،وله في نثر: فضاء الوجه الآخر، مختاران نثرية، 1988، حيث تميز خضور بتقديم تقنيات فنية مغايرة لبنائها الفني ولغتها المتطورتين ، مع ملاحظة الجهد الإبداعي المبذول في شعره ، والخلفيات النفسية المؤدية للرؤى الفكرية المختلفة عن غيرها .
أداد
الكتاب من القطع الصغير ، مؤلف من 96 صفحة ، ما هو إلا قصيدة واحدة عنوانها أداد قسمها الشاعر لأقسام ثلاث وهي : رؤية المقتول , هواجس الرؤيا , و رسيس الرؤيا ، من بداية الكتاب تمسك المتعة بك باكراً عند قراءة الإهداء تحت عنوان \ إليك \ , حيث أهدى عمله إلى ما سماها ( العذابات الحميمة ) و اعترف بجميلها لأنها كانت سبباً لفهم الحياة بشكل أوسع و مع ذلك أقسم بأنه لن يخسر الرهان مع ذاته على الأقل ,و أداد هو ابن فايز خضور الذي رآه المكسب الوحيد في حياته و أغلى ما فيها فتوجه له بتلك المشاهد التي شكلت تلك القصيدة ,و أداد لغوياً أو حدد هو إله المطر و العاصفة لدى السوريين القدماء ,لذلك قال في ص 17 :
أداد
سأبوح إليك ,و لا أوصيك.
لأني أمقت
منذ الوعي المبكر
فيهقة الفقهاء
و يتابع استعداد لرمي رواسيه ,و في نفس الصفحة يقول :
قرب كرسيك مني
و أحمل هذا العبء الرازح ,عني.
و لنبدأ عرس الموت بأوجاع الميلاد
أيضا
ثم تتالى الصرخات مع زفرات حقيقية ,تخالها تخرج من صفحات الكتاب لتسقط أمام كل من أصابه شيء من عفن الحياة ,حتى قال في ص 24 :
أداد
افتح قوسي أذنيك
و أغمد سيف الدهشة
في رئتيك
و طامن لجلجة الأنفاس
أمك من ملح الأرض
و لكن فسد الملح
ولن يصلحه الحرث
حرياً صار
بوطء حذاء الناس.
يهدأ ولكنه هدوء المتعب ,الذي أتعبه ما جرحه جرح عميق ,فيقول ص 29 :
أداد
زمن تحجر في المكان
لا راهب يعطيك مغفرة . و لا شيخ يطارحك الأمان
أتراك تحلم بالمسرة ؟!
طواعية
قال الكثيرون عن خضور أنه أمتلك معجماً خاصاً و ساحراً ,كان قادراً من خلاله على التحاف الحياة كاملة بمفردات اللغة العربية ,يحسبها البعض بأنها لا يمكن أن تكون شعراً إلا أن خضور أكد شعرية الألفاظ التي انطوت على قساوة هائلة يتحاكى فيها الأسلوب الفريد مع الصور الحادة فقال في ص 36 :
أداد
العين بعينين
و السن بسنين
أو قل : أكثر….
و الزاني من ينجب من داشرة
خبرت رتل رجال
نسيت وجه الأول منهم
في أرداف الثاني …
لو ساءلت قفاها
و هزت باستعهار المومس يوم أرادت أن تتحرر
فمن الجاني ؟
ومن فوضى الإحساس تخرج قطرات يراع يمزق بطون الحرية الكاذبة بصدق وأمان من ص47
أداد
من قهري لولا التعميم القتال
لقلت و أوجزت
بأن العالم
كل العالم
قواد ….
نهاية
وفي نهاية أداد يترك للقارئ الخيار مفتوحاً فتخاله ينضم إلى باقة غير التي كان يكتب بها , و مع أنها نهاية القصيدة لكنك تجدها ولادة جديدة تفتح الآفاق لما بعد , حيث يقول في ص 95 :
أداد
موتي و بعثك
و انبعاث الآخرين
حصانة الوطن الوحيدة ..!!
شريف اليازجي