قراءة في ديوان ( لكل حب قصة ) ..

 

للأديب الشاعر شوقي بغدادي .
ليس صحيحاً أن جذوة الإبداع يقتلها الزمن . أو تتوقف عند عمر محدد .. !
فكثير من المبدعين عاشوا طويلاً و هم يقدمون أعمالاً جديدة تضج بالحياة و الفن و الأدب . فالمبدع لا يعرف للزمن حداً . بل هو فوق الزمان و المكان .
و الشاعر شوقي بغدادي واحد من المبدعين و الشعراء الذين لم يغادروا أوراقهم و أقلامهم مدى حياتهم ، و لم تمنعه سنوات عمره ( الثالثة و التسعون ) من كتابة الشعر . إن الإبداع الذي أمامي ديوان شعر للشاعر شوقي بغدادي بعنوان ( لكل حب قصة )
صدر عام 1962 ضم 38 قصيدة
و 176 صفحة من القطع المتوسط بغلاف جميل يعبر عن كل قصة حب . الشاعر شوقي بغدادي قدم شعراً رائعاً في الحب و الغزل و المرأة .  و من روضة الشاعر أقتطف بعض القصائد .
الصداقة ..
تأملي .. أبيننا ما بين عاشقين
فإن تلاقينا . أيندى الماء في اليدين
أينشف الكلام في تلعثم الغمين
و هل نعيد ما نقول فوق مرتين
نسأل : كيف أنت .. ؟ أين كنت أين .. !!
الشاعر . يتساءل و يناشد الحبيبة معاتباً . لنا أكثر من عاشقين و في لقائنا بين الحين و الآخر
حب ..  و غزل .. و عناق دون كلام فكلامنا يفسره اللقاء .. كيف ابتعدتِ .. كيف !!.
ينقلنا الشاعر إلى قصة  أخرى من قصص حبه .. يقول للحبيبة ..
أفكر فيك .
أفكر فيك صباح مساء .
و أحيا على أمل اللقاء .
و أحلم أن قصوراً بنيت .
تشاد على الأرض في الهواء .
لماذا نعيش هنا يا حياتي .
و دونك سور يسد الفضاء .
إن اعتراف الشاعر لحبيبته : لحبه لها و التفكير بها شعور لغوي جميل يحمل العفوية و الصدق بحروفه و كلماته .
وكتب قصيدة جميلة لحبيبته المسافرة يقول فيها :
المسافرة ..
سألت أمس ..
أين .. أنت ليس تظهرين
فقيل . سافرت
متى صار .. لأي حين
و كيف لا أعرف .. و الجميع عارفون . !
لقد افتقد الشاعر محبوبته لأنه لن يراها . سأل أصدقاءه . و علم أنها مسافرة .. تأثر لبعدها فهو يود اللقاء ليدفن المسافة و الشوق و الزمن ..
في ديوان الشاعر ( لكل حب قصة ) . كثيراً ما اختلفت الصور أمامي .. تمرد و حب و صداقة و كبرياء إن شعره نشيد الروح رغم قصص الحب المتلاحقة . فالقارئ يجد بها الحس المرهف و الفكرة العميقة . و الأسلوب الرشيق في نسج همسات قلب مفعم بالحب .
إن شعر شوقي بغدادي  واضح صريح غني بالصور و المعاني الرائعة ببساطتها و عفويتها في تفعيلات متناسقة متلاحقة .
الشاعر شوقي بغدادي في سطور :
ولد الشاعر شوقي بغدادي في ( 28 تموز 1928 ) في بانياس باللاذقية و نشأ بها . أنهى تعليمه العالي في كلية الأداب بدمشق و كلية التربية معاً عام ( 1951 ) .
عمل مدرساً للغة العربية طوال حياته المهنية في سورية و أيضاً خمس سنوات في الجزائر .
شارك في تأسيس رابطة الكتاب السوريين عام ( 1951 ) و التي تحولت في ما بعد إلى اتحاد الكتاب العرب عام ( 1954 ) انتخب أميناً عاماً لها عام ( 1954 ) حتى مطلع عام ( 1959 ) ثم أسند إليه رئاسة تحرير مجلة الموقف الأدبي .
شوقي بغدادي شاعر نظم الشعر العمودي و أحب الشعر القديم .
أهم الجوائز التي حصل عليها الشاعر :
ـ نال جائزة إتحاد الكتاب العرب لأحسن مجموعة شعرية عام ( 1981 ) .
ـ جائزة أحمد شوقي عام ( 2021 ) للإبداع الشعري .. في دورته الثانية المقدمة من النقابة العامة لاتحاد الكتاب العرب . و صفته النقابة بأنه شاعر له صوت خاص و فريد .
مؤلفاته :
أصدر الشاعر شوقي بغدادي العشرات من الآثار الأدبية منها الشعر و القصة :
ـ درب إلى القمة 1952 .     ـ بيتها في سفح الجبل 1970.    ـ عودة الطفل الجميل 1985.
ـ رواية المسافرة 1994 .     ـ فتاة عادية 1998 .
و من مجموعاته الشعرية كتب العشرات الدواوين و أختار منها :
ـ لكل حب قصة 1962.     ـ أشعار الحب 1968 .    ـ  ليلى بلا عشاق 1979.
ـ رؤية يوحنا الدمشقي 1991.    ـ البحث عن دمشق 2003.    ـ بعد فوات الأوان 2019.
و هو آخر أعماله الشعرية . كما كتب المقالة و مجموعة خواطر بعنوان ( قلها و امش ) .
ـ فارقنا الشاعر شوقي بغدادي في 29 كانون الثاني 2023 و هو قامة من قامات شعرائنا و أدبائنا .. فارقنا تاركاً ميراثاً ضخماً من المؤلفات القيمة تنهل منها الإنسانية لأجيال عدة .
إعداد : رامية الملوحي

المزيد...
آخر الأخبار