مدارات : المتقاعد… أحلام لا تنتهي

ما أن يقترب العامل أو الموظف من سن التقاعد حتى يتلقى سيلاً لا ينتهي من الأسئلة البريئة ..هل دبرت عملاً بعد التقاعد كي لا تشعر بالملل .؟..شو بدك تشتغل بعد التقاعد؟ 
عندك شي مصلحة تعمل بها؟  وغيرها من الأسئلة، و كأن من يتقاعد كان في رحلة أو سياحة واستجمام أو عاطلاً عن العمل! !
هي اسئلة تعكس ثقافة مجتمعية إن من يتقاعد سيشعر بالضجر والملل بعد رحلة عمل شاقة ومضنية تجاوزت الثلاثين عاماً بكل ما فيها من عمل ودوام وسفر وحرق أعصاب و …و…
لذلك نجد أن من يقترب من سن التقاعد يبدأ بالتفكير الجدي في إيجاد عمل يتناسب مع عمره الستيني من حيث الحجم والنوعية والمدة، فنجد البعض وخصوصاً في الأرياف يعمل في الزراعة والحقل بأعمال خفيفة تعطي للجسم حيوية ونشاطا .. والبعض الآخر يعمل بالتجارة مثل محل سمانة أو قطع غيار أو ألبسة أو …
وقلة قليلة من ميسوري الحال يبدأ بحياة ترفيهية مثل  زيارة الأماكن السياحية والمتنزهات والمشاوير الداخلية والخارجية ..
وهناك نسبة قليلة جداً تجد في القراءة والمطالعة والكتابة ومتابعة الشأن الثقافي وحضور أنشطة وفعاليات ثقافية فرصة ثمينة لإشباع نهمها إلى المعرفة، حيث الوقت الكافي والتخلص من روتين العمل اليومي
إذًا نحن أمام حالات عديدة ومتنوعة  لحال المتقاعد وجميعها تشغل حيّزاً غير قليل من تفكيره، إلى جانب الاهتمام بوضع الأولاد والأحفاد و …و…
في الدول الأجنبية الأمر مختلف تماماً، حيث يشكل المتقاعدون مجموعات سياحية ترفيهية بإشراف نقاباتهم المهنية حيث يقومون برحلات سياحية خارج دولهم يزورون من خلالها المواقع الأثرية من قلاع وقصور وأسواق تاريخية ..في حين أن المتقاعد عندنا يشعر بأنه أصبح وحيداً، فنقابته التي سدد لها طيلة خدمته الرسوم والاشتراكات تعتبره خارج نطاقها وغير معنية به،  وبالتالي على المتقاعد ان يتدبر أمره بمفرده … هي مفارقات يعيشها المتقاعد ويشعر معها بالألم والحزن ،تخيلوا أن أول ما يسلمه المتقاعد لدائرته بطاقة التأمين الصحي وعليه ان يطلع وينزل أدراجاً
تمتد لأشهر قبل الحصول على حقوقه ومستحقاته وغالباً ما يعاني من ارتفاع الضغط ومرض القلب والسكر والروماتزم و…….
هي صورة قاتمة عن المتقاعد الذي صرف أجمل سني عمره في العمل والوظيفة وعليه ان يجد التسهيلات الكافية لإنجاز معاملته بيسر وسهولة بعيداً عن الروتين وتعا بكرا، المعاملة ناقصها ورقة و…؟!
بالرغم من كل التقنيات وسرعة التواصل إلا أن معاملات المتقاعدين أبطأ من سلحفاة وعليه -اي المتقاعد – أن يتسلح بصبر أيوب كي يصل إلى بر ّ الآمان وهو قادر على السير وصعود الأدراج بدون عكاز  وبهمة ونشاط ..
يحلم المتقاعد أن يجد اريحية  في إنجاز معاملته بيسر وسهولة بعيداً عن الروتين والابتزاز وإضاعة الوقت بلا طائل …
يحلم المتقاعد أن يجد جهة ما ترعى حاله وتعمل على مكافأته بعد رحلة طويلة من العمل والعطاء ..
يحلم المتقاعد أن يبقى محط اهتمام كل من حوله تقديراً له ولجهده وعمله ….
يحلم المتقاعد  …ويحلم ….ويحلم إلى ما لا نهاية ….
*حبيب الإبراهيم
المزيد...
آخر الأخبار