نبض الناس..
ثمَّة ضحية واحدة فقط في متوالية رفع الأسعار هذه التي نشهدها يوميًّا ، هي المواطن ، ونعني الموظف بأجر محدود ، والمتقاعد، والذي لا يعمل وليس بمقدوره تأمين قوت عياله .
فرفع أسعار الأدوية وأجور النقل العام ، والمواد الغذائية وغير الغذائية في الأسواق ، وحُمَّاه التي انتقلت بالعدوى إلى مواد السورية للتجارة ، قابله أصحاب المهن العلمية والحرف اليدوية والآلية ، برفع لأجورهم لمواكبة التضخم النقدي ، فصارت أجرة معاينة الطبيب ، وصورة الأشعة نارية ، والمعالجة السنية فلكية ، وصيانة المروحة أو الغسالة أو البراد أو حنفية المجلى جهنمية وتكسر الظهر !.
لقد ارتفع سعر أي شيء ، وكل شيء ، حتى كيلو البطاطا « لحم الفقراء » صار بنحو 3500 ليرة وقد كان قبل التصدير بنحو 1800 – 2000 ليرة ، بينما بقي راتب الموظف ثابتًا ومستقرًا ولم يتزحزح ارتفاعًا قيد أنملة ، ليظل عنوانًا عريضًا وطويلًا للفقر والمعاناة اليومية المستمرة ، التي تستنزف روحه استنزافًا شديدًا ، بل ويشتد هذا الاستنزاف كل يوم مع اضمحلال قيمة الراتب السوقية !.
فقبل متوالية الرفع الأخيرة كان راتب الموظف أو المتقاعد يكفيه وأسرته 3 أيام للأكل والشرب ، وبعدها صار يكفيه ليوم واحد فقط !.
وباعتقادنا التسريبات عن زيادة الرواتب المحتملة لا تطمئن ، فأي زيادة حتى لو كانت 200 أو 500 بالمئة لا يمكنها إطفاء نار الغلاء التي اجتاحت ـ وتجتاح ـ حياتنا ، وأكلت الأخضر واليابس فيها !.
فماذا يعني أن يصير راتبك كموظف أو متقاعد نحو 500 أو 600 ألف ليرة ـ هذا إذا صار ـ وأنت بحاجة لنحو 5 ملايين ليرة لتأكل وتشرب بالحدود الدنيا وفق الأسعار الرائجة بمؤسسات التدخل الإيجابي وفي الأسواق !.
وأما المواطن غير الموظف فكيف يتدبَّر أموره ؟ وكيف يستطيع أن يأكل ويشرب فعلم ذلك عند الله !.
وإنقاذنا مما نحن فيه ، يحتاج إلى تفكير من خارج الصندوق ، إذ يمكن للحكومة أن تضع سعرًا للصرف وتحميه وتدافع عنه ـ والكلام لمسؤول ورجل علم واقتصاد ـ ضد المتاجرين والمضاربين ، وتفعِّل النشاط الزراعي والصناعي كيلا يؤدي لجم سعر الصرف إلى الانكماش الاقتصادي .
الحل في زيادة الإنتاج وخلق مناخ استثماري جيد ، وإيجاد تنافسية ، وتسهيل الاستيراد ، قبل التفكير بزيادة الرواتب من خلال تخفيف كتلة الدعم أو التوجه لزيادة أسعار المشتقات النفطية والخبز .
محمد أحمد خبازي