نبض الناس
…
كان ينبغي للحكومة أن تصدر قرارات تقليص الدعم عن المشتقات النفطية ـ كما تحب أن تلطفه و تهذب إلغاءه وتسميه ـ ورفع أجور النقل ، بعد أن يدخل مرسوما زيادة الرواتب الأخيرة حيز التطبيق ، أي بعد أن يقبض العاملون بالدولة والمتقاعدون رواتبهم لا قبله !.
فقد خلقت قرارات الحكومة الأخيرة معاناة جديدة لعموم المواطنين ، وبشكل خاص للموظفين ، وأججت نار الأسعار في الأسواق ، التي اضطرمت بكل ما فيها من مواد وسلع ، وجرَّت معها كل ما له علاقة بحياة المواطن اليومية ، التي ازدادت طينُها بِلَّةً ، فحتى ربطة البقدونس ارتفع سعرها من 500 إلى 700 ليرة !.
وكل هذه المعمعة والفوضى والفلتان السعري ، وجنون الأسواق ، ولم يكحل الموظف أو المتقاعد عينيه براتبه الجديد بعدُ !.
ولا ندري ما هي الحكمة الاقتصادية ، من هذا الإجراء الذي أضر الناس بشكل كبير وعميق ، ولا نعلم لماذا يفكر جهابذة الحكومة بهذه الطريقة التي وسعت الفجوة السحيقة بينها وبين المواطن ، ولماذا يضعون الحصان خلف العربة لا أمامها لتجره بدلًا من أن يجرها !.
فقبل 15 يومًا من قبض الرواتب الجديدة أشعلوا الأسواق وميدان النقل العام ، وجيوب الناس خاوية بالأساس ، وأرواحهم متعبة وشقية من جراء الغلاء المتغوِّل من قبل ، والذي ازداد تغوّلًا من بعد !.
لقد امتصت إجراءات الحكومة زيادة الرواتب من قبل أن تُقبض ، بل وسحبتها مضاعفة مرتين أو ثلاثًا من التداول قبل أن تُداول ، ليصح فيها القول الشعبي المأثور ما أعطته باليمين أخذته مضاعفًا بالشمال !.
وبالطبع لن يكون لكتلة هذه الزيادة أي أثر إيجابي عند ضخها في السوق ببداية الشهر المقبل الذي هو شهر مدارس ومؤونة ومحروقات ، وتحتاج فيها الأسرة المؤلفة من 5 أشخاص ، لتؤمن مستلزمات المدرسة والحياة أكثر من 5 ملايين ليرة ، والتي ستصبح 8 ملايين ليرة إذا لم يكن أكثر ، بعد هذه المنعكسات الارتدادية لإجراءات الحكومة في الأسواق ، التي جعلت على سبيل المثال لا الحصر الدفتر المدرسي بنحو 10 آلاف ليرة وعدد ورقاته لا يتجاوز الـ 100 !.
محمد أحمد خبازي