في ظل انتشار الأدباء والشعراء وهواة القلم بشكل كبير جداً يرتقي لمستوى (الزحف الأدبي)، وبغض النظر عن إن كان من يكتب كلمة يستحق لقب أديب أو شاعر نجد أن السرقات الأدبية من نصوص شعرية أو نثرية أو حتى مقالات ودراسات وتوثيقات أيضاً تنتشر بكثافة غير مسبوقة هذا العصر فيصبح هذا النوع من اللصوصية يسمى حرفياً جريمة أدبية.
ولأننا شعب لا يقرأ كثيرا فإننا دائماً نقع في فخ البلاهة للتذوّق الأدبي وأقصد بهذه البلاهة أننا نعجب ونصفق لأي نص أدبي لا نعلم أبداً إن كان هو كاتبه الحقيقي أم لا، ولا ندرك نهائياً إن كان هذا النص سبق أن كتبه شخص آخر من قبل إلا حين يقوم كاتبه الحقيقي بالدفاع عن حقه في امتلاكه وأغلب الأحيان لا يسمعه أحد..
وطبعاً حتى الاقتباسات التي لا تشير إلى مصدرها الأصلي مشمولة مع السرقات الأدبية قولاً واحداً وهذا حق..
عزيزي القارئ.. السرقة الأديبة أو كما يقال (النحل الأدبي) ليست ظاهرة حديثة، ولم يكن عصر الانترنت هو العصر الوحيد الذي تسبب بظهور هذه الحالة السيئة في تاريخ الأدب لأن السرقة الأديبة كانت منتشرة منذ العصور القديمة، ففي العصر الجاهلي مثلاً كانت تعتبر السرقة الأدبية أمراً معيباً حيث يعتبرها الشاعر طَرَفة بن العبد تصرف قبيح ولعين وينفي عن نفسه صفة السرقة نفياً قاطعاً فيقول مؤكّداً ذلك:
ولا أغير على الأشعار أسرقها
عنها غنيت وشر الناس من سرقا
وهناك الكثير من المراجع والمصادر والبحوث الأدبية التي تؤكد أن السرقات الأدبية طالت العصور الذهبية وتثبت ذلك بأقوال وإشارات وأشعار لأهم الشعراء في تلك العصور كأبي نُوَاس وأبي تمام والبحتري والمتنبي.. أمستغربٌ أنت عزيزي القارئ؟… صدقّ أو لا تصدّق أن هناك من يتجرأ وينتحل أشعار هؤلاء العمالقة… لا بأس عليك.. اشرب كوب ماء و ركّز معي.
الأصمعي _ عزيزي القارئ _ هو أول من أشار إلى السرقات الأدبية ولعظماء الشعر فمثلا يقول (تسعة أشعار شعر الفرزدق سرقة، أما جرير فما عَلِمْتُهُ سرق إلا نصف بيت)..
والآن عزيزي القارئ.. لا تدع نفسك تستغرب اللصوصية الأدبية الفيسبوكية بعد الآن، ففي الأصل ليس هناك مادة أدبية غنية وحقيقية تستحق أن تحزن عليها إن تم انتحالها..
المحزن هو عدم قدرتنا نحن التمييز بين نص حقيقي ونص مسروق.. لأننا في الأصل.. أمة لاااا تقرأ..
كنانة ونوس