تمتلك سلمية تاريخا لم يأخذ حقه حتى اللحظة ، فكلما كانت أعمال المشاريع تضرب أرضها ، تظهر و ( بالصدفة ) أحجار و لقى ، تخبرنا عن عصر مضى و ما كان فيه من أحداث و صور جميلة و قيمة أثرية و إرثية راقية ، و هذه قناة العاشق في الجهة الغربية من سلمية التي وجدتها بعثة أثرية أيضا بالصدفة ، أثناء القيام بأعمال الحفر في المنطقة المذكورة ، لكن شكل الأحجار و الهندسة التي عليها ، دفعت البعثة للبحث عنها و توصلوا إلى الإرث الحضاري الجميل ألا و هو قناة العاشق ، فيقول المهندس برهان سيفو الباحث في التاريخ : سجلت كتب التاريخ أن أمير سلمية في ذاك الحين وقع في عشق ابنة ملك أفاميا ، فاشترطت عليه بأن يكون مهرها ايصال المياه إلى أفاميا من مدينة سلمية المعروفة بوفرة و عذوبة مياهها ، فكانت القناة التي تعبر عن مدلول كبير من الحب الصادق ، و عن قيمة علمية لا تقبل الشك ، فلقناة طولها حوالى 150 كم ، و تبدأ سيرها من منطقة عين الزرقاء غربي سلمية بعمق 1متر و العرض مختلف ، يصل حتى المترين في بعض أجزائها ، مبنية من الأحجار البازلتية، كما تم طلي مجرى القناة بمادة القصرمل غير النفوذة للماء ، وهي عبارة عن خلطة من الغضار والكلس المطفأ ومخلفات الأفران . حيث تم حفر القناة على شكل سراديب ضيقة العرض عبر ما يعرف بنظام الفجارات ، وهي عبارة عن آبار قريبة من بعضها يتم الوصل بينها بأقنية، و تم سقفها في بعض المناطق بحجارة بازلتية أيضا حتى لا تختلط بمياه السيول لتصل المياه نقية إلى مصبها، كما أقيمت لها عدة جسور مختلفة وصل عددها إلى 12 جسراً عبر سيرها في الوديان . وتسير القناة من عين الزرقاء غرباً مروراً بالأراضي الشمالية لقرية تلدرة و تتابع سيرها حتى تعبر سفوح جبل علي كاسون في أم طويقية ، ثم تدور القناة حول جبل زين العابدين قرب حماة لتصل إلى أفاميا . و بنيت القناة بشكل هندسي متعرج ، حتى تصل المياه بالراحة ، أي دون تدخل أحد ، و خاصة أن سلمية ترتفع عن سطح البحر حوالى 475 م ، بينما أفاميا ترتفع 308 أمتار ، لذلك وجب دراستها بدقة ووفق نظام علمي دقيق . و يبلغ عمر القناة أكثر من 2000 عام .
شريف اليازجي