جلست على قارعة الطريق بجسدها المترهل ولباسها الرث وبصوتها المبحوح تدعو لكل عابر برزق وفير وصحة وعافية..كانت تبكي بصوت أدمى فؤادي طالبة المساعدة فحفيدتها اليتيمة مريضة وليس لديها المال لتجلب لها الدواء
إن منظرها وبحة صوتها جعل الدموع تسبق كلماتي ..فأسرعت لتلبية سؤالها ودون ادنى حدود لأي محاكاة عقلية
فبعد غد هو العيد..
أكملت طريقي وأنا أفكر فيها وشعور بالذنب مازال اتجاهها على الرغم من عدم تقصيري..
مرت الأيام وبعد أسبوع من انتهاء العيد وجدتها وقد تحركت من مكانها كانت تقف سائلة المارة المساعدة لإطعام أيتام في رقبتها..
اندهشت لما رأيته لكن حسن ظن آخر أوقف تفكيري بأي شيء سيء..
ومع الوقت وبحكم كون هذا الشارع هو طريقي لشراء حاجيات بيتي
استوقفني المنظر وبعد.مرور شهور عديدة
ولكن من منظور آخر..
كانت تجلس هذه المرة وقد وضعت قطعة من قماش طالبة العون ..
مررت رغم دعواتها لي دون اكتراث..وبات المشهد يتكرر …
حتى وجدتها اليوم قد اختارت لنفسها مكانا أقرب لبيت من بيوت الله لكن كانت الصورة مختلفة وأكثر وضوحا بل وبحلة جديدة..وبصوت أقوى..
نظرت إلى نفسي تلعثمت كلماتي..واختل توازني
كيف وقعت بمصيدتها مع أنني ولأعوام كتبت عن هذا الموضوع
(التسول)
لقد أوقفني عمرها السبعيني عن فكرة انها قد تكون مخادعة متسولة جديدة
ولكنني أيقنت الآن أن التسول لاعمر له
أكملت طريقي وأنا أحدث نفسي..
:ويبقى الإنسان المخلوق الأذكى مهما تقدم في العمر
عدت على بيتي ألملم خيبتي تارة وأضحك على خديعتي تارة أخرى….
خدعت وقضي الأمر.