بهجة عيد الاستقلال تتكرر كل عام، فهي من الذكريات الجميلة ، فقد أعاد الاستقلال النور إلى حياة الظلم و الظلام التي عانى منها بلدنا . فدوام الحال من المحال ،لذلك لم نسمع أو نقرأ على مر الزمن عن مستعمر احتل أرضاً و بقي فيها و السبب في ذلك سعي الشرفاء لطرد المستعمر المغتصب ، و وجود المقاومة و إرادة الدفاع عن الأرض التي هي الكرامة و الشرف ، فالمقاومة ورثناها عن أجدادنا الأباة و هي مصدر عزتنا و فخرنا ، و تألفت المقاومة من جميع أفراد المجتمع السوري و من كل الاتجاهات من الشمال إلى الجنوب و من الشرق إلى الغرب ، فلا فرق بين فلان و فلان،فالكل كان مقاوماً لمستعمر جاء من مسافات بعيدة و هدفه الأساسي أكل حقوقنا و احتلال أرضنا .و سلاحهم كان من أحدث أنواع الأسلحة و أخطرها من دبابات وطائرات و رشاشات و نحن حاربناه و دافعنا عن بلدنا و عن أنفسنا بالسلاح الأبيض و بعض البنادق القديمة .لقد تعرض بلدنا لمصائب الاستعمار بسبب خيراته و موقعه الجغرافي المميز ،و كان آخرها الاستعمار الفرنسي الذي احتل بلدنا الحبيب لمدة تزيد عن الربع قرن من الزمن ، لم يترك باباً من أبواب القهر إلا و استخدمه ضدنا من قتل و تخريب و تدمير ، و سرقة أرزاق و خيرات ، و أظهر كل عنصريته و أفكاره الشريرة في الاحتلال ، و قبله المستعمر التركي الذي جثم على صدورنا مدة طويلة تزيد عن أربعة قرون من الزمن و أورثنا ت تركة ثقيلة بسبب جهله و غبائه
و جعلنا نخسر خيرة شبابنا بسبب طمعه بأراضي الغير لتوسيع رقعة مستعمراته ، فكان يرسل شبابنا إلى ما أسموه / الأخد عسكر / ومن يذهب لن يعود و إذا عاد لأهله كان ذلك بمثابة الحلم بسبب بُعد المسافات .سورية هذا البلد العظيم حارب المستعمر بكل أشكاله و في كل الأوقات و خسر الكثير من خيرة الضباط و الجنود حتى نال الاستقلال و أجبر المستعمر على الرحيل من هذا البلد الطيب الذي لا يريد الضرر لأي بلد إن كان قريباً أو بعيداً .لقد كافح و ناضل شعبنا و بكل ما أوتي من قوة و دفع الغالي و النفيس حتى حقق أهدافه و نال مراده في الاستقلال في السابع عشر من نيسان عام 1946 ، لأنه شعب حر لا يحب الاحتلال و الاستغلال و الاستعباد ، هو شعب يريد أن يعيش بسلام وأمان بعيداً عن أي شكل من أشكال الظلم و القهر و عن أي نوع من أنواع الإرهاب ، إن كان إرهاب دولة أو إرهاب أفراد .
عندما تتاح لأي مستعمر العودة إلى مرحلة الاستعمار فلن يقصّر، كما حصل في المرحلة الأخيرة في سورية بلدنا الغالي .
سورية حاربت و ستحارب دائماً أي شكل من أشكال الاستعمار و الاستبداد .
ذكرى الجلاء هي فرحة كبرى رغم مرور عشرات السنين عليها ، لا يحسّ بها إلا من كابد و عانى ظلم الاحتلال و قسوة المحتل و محنة التشرد و التشريد من أرض نحن أصحابها و أصحاب حق فيها و ليس الغير ، فالمستعمر طال الزمان أم قصُر فلا بد راحل و إلى غير رجعة . و كل عام وأنتم بخير .
مجيب بصو ،