أنه خلال وفور انتهاء الأزمة ينصب تركيز الأطراف الفاعلة على تلبية الاحتياجات الفورية اللازمة وتنفيذ التدخلات التي تشكل عنصراً حاسماً في إرساء أسس التعافي المستدام والعودة السريعة للمضي قدماً تجاه وضع الأمور في نصابها الصحيح وتحقيق التنمية التي تستلزمها القطاعات المتأذية. من أولى أساليب التعافي المبكر إدارة الأزمة ذاتها للحد من تفاقم تداعياتها. دعونا نركز على البعد الاقتصادي للأزمة الحالية الناجمة عن تفشي وباء فيروس كورونا. إلى جانب الإجراءات غير المسبوقة، الفاعلة والفعالة التي تتخذها الحكومة السورية للحد من انتشار الفيروس، يجب عدم غض الطرف عن تأثر الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع: النساء ( خاصة المعيلات لأسرهم) والأطفال (ما دون ١٨ سنة حسب تعريف قانون حقوق الطفل) نتيجة جملة هذه الإجراءات وضرورة تقديم كل أنواع الدعم اللازم للحد من تردي أوضاعهم الاقتصادية تحديداً، في نقاشنا هذا. كما أن تردي الوضع الاقتصادي نتيجة الحجر الصحي المطبق على بعض المناطق والبلدات وحظر التجوال في ساعات معينة في المحافظة ذاتها والحظر المستمر – حتى إشعار آخر- بين المحافظات وبين المحافظات وأريافها يؤثران سلباً على العمال المداومين دون أدنى شك، اذ يقطع سبل معيشة معظمهم. ولا ننسى أن إغلاق المحال التجارية والأعمال الصغيرة والمعامل، إلا الغذائية والصحية منها، يضعف إن لم يقض على هذا القطاع الاقتصادي برمته؛ الأعمال الصغيرة بشكل خاص، ليترك المجال للاحتكارات الاقتصادية الأكبر للتنامي وابتلاع تلك الأعمال. ويزيد الوضع تفاقماً عدم نجاعة رقابة الجهات المختصة على تصاعد الأسعار الجنوني لمختلف السلع، على وجه العموم، وأسعار مواد التنظيف والتعقيم والمواد الطبية والغذائية، على وجه الخصوص. إن تركيز الجهود على الحد من انتشار هذا الوباء وصولاً للقضاء عليه لا يعني أن ننسى الواجبات الأخرى التي لا تقل أهميةً تجاه المواطن المنهك أصلاً بعد أزمة جاوزت التسع سنين لتاريخه. بالعودة إلى التعافي المبكر، أعتقد أنه يجب تشكيل فريق اقتصادي يعنى بوضع استراتيجية متكاملة لمواجهة المرحلة الحالية المستجدة والخطرة، وما بعد الخروج من أزمة “كورونا” ( استراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الامد) تضمن هذا التعافي. والمقصود هنا وضع خطة اقتصادية واضحة المعالم تردفها حزمة من القرارات والقوانين تكفل نجاحها وتضمن النهوض بالقطاعات الأكثر تأذياً من باب الأولوية . الباحثة النفسية والاجتماعية
حـلا حـوريـة ـ سـلمية