تشكل بيئة العمل أفضل المقومات لنجاح المنشآت والشركات وقطاعات العمل فهي العنصر المهم لنجاحه أو فشله ،ويقصد ببيئة العمل كما عرفها الباحثون الاقتصاديون (بأنها جميع العوامل الداخلية والخارجية المحيطة بالمنظمات والتي تؤثر في عملية اتخاذ القرارات الإدارية ، ورسم الاستراتيجيات ووضع السياسات التي تتعلق بقدرتها في الحصول على الموارد الانتاجية وتوزيع منتجاتها من سلع وخدمات للزبائن وتطوير قدراتها في مقاومة التهديدات والمخاطر المحيطة بها ). ويقصد بها أيضا جميع الظروف المحيطة بالعاملين في وقت ومكان العمل متضمنة الظروف المادية والمعنوية والزمانية . أهمية بيئة العمل تكمن أهمية هذه البيئة من خلال كونها العامل الأهم والمساعد الأكبر على جذب العاملين إلى العمل ,لذلك كان لابد لرفع سوية العمل وتقوية جودته ,من توافر بيئة عمل صحية لإنجاز المطلوب، فالعامل سواء أكان موظفا أو معلما أو…فإنه يقضي معظم وقته فيها ،وخاصة في القطاعات الخاصة ،لذلك فإن بيئة العمل ستؤثر حتما على حالته النفسية، سواء داخل العمل أم خارجه ، وهذا يعني أن بيئة العمل عندما تكون صحية ،يكون لها الدور الأكبر في نجاح العمل . فما هو المقصود ببيئة العمل الصحية؟ بيئة العمل الصحية هي البيئة التي توفر للعامل الظروف المناسبة للعمل محفزة إياه ،لإعطاء أفضل ما لديه وبكل تفان وإبداع ورضا فيها ،ولتكون هذه البيئة كذلك ، وجب وجود الشفافية في العمل والصدق فيها ،سواء بين العامل والمدير أوبين العاملين أنفسهم ،على أن يرافقها الثقة والاحترام المتبادل بين الجميع و ابتداء من رأس الهرم في العمل ،فالعمل ضمن جو من الثقة والاحترام يولد روح الفريق الواحد والذي بدوره يسهم وبشكل إيجابي بخلق بيئة مناسبة وصحية للعمل حيث ينسج وداً بين الأفراد العاملين ويجعلهم يعملون بسعادة وسط شعور بالانتماء لهذا المكان، فتتكون الرغبة لدى الجميع بالعمل لأجل نجاح العمل، فالنجاح للكل لا للفرد العامل ،فالنجاح هنا منسوب للفريق لا للفرد وهذا بدوره يجعل العاملين جميعا يقبلون على عملهم بحب وتفان ونشاط ملحوظ. ولا ننسى أثناء حديثنا عن البيئة الصحية المناسبة إغفال أمر مهم للغاية وهو ألا يُستغل هذا الاندفاع والإقبال والنشاط بفرض ساعات عمل طويلة على العامل ، فالموازنة بين حياة العامل الشخصية وحياته العمليّة يجعله أكثر نشاطاً وأكثر قدرة على الإنتاج، ويخلق راحة نفسية عنده بعد عودته إلى بيته، وهو مرتاح بعيدا عن الإرهاق ،فالصحة النفسية ضرورية للعامل ، فتأمينها له يجعله أكثر قدرة على العطاء والانتاج ، ولتعزيز هذه الصحة على المدير والإدارة ألا تغفل كلمات الشكر والثناء على مايقوم به العاملون في قطّاع عملهم ،فإنها تولد دفعا إيجابيا على النفسية ، وتجعلها في حالتها السليمة والمطلوبة . وأخير في حديثنا عن أهمية البيئة المناسبة والصحية للعمل يجب أن نعرج على مسألة هامة وهي زيادة الحوافز المادية لمن يستحق من العاملين ، هذا بالإضافة إلى وجود الأجر المناسب ، ونحن لن نتطرق كثيرا إلى العامل المادي . مقومات بيئة العمل الناجحة. إن الإدارة الناجحة هي التي تكون قادرة على الجمع، بين تطبيق القواعد التي تحافظ على نظام العمل داخل المؤسسات، دون أن يتسبب ذلك بأي إزعاج للعاملين لديها ومعها، فمن أهم المقومات هو خلق بيئة عمل مناسبة ، وقادرة على جذب العاملين إليها بحيث توفر لهؤلاء جواً من السعادة والراحة بين العاملين أنفسهم ، وهذا بدوره يؤدي إلى الرغبة الذاتية للعمل وبكل جد وإخلاص ،ولاننسى هنا ضرورة وجود الثقة ، بين العاملين أنفسهم وبينهم وبين المدير أو الإدارة ،فذلك يجعل العامل يشعر بالمسؤولية اتجاه عمله ، وذلك يدفعه لأن يقوم بع على أكمل وجه كي لا يخذل من وثق به ،وهذا بدور يولد ارتفاعاًل في المعنويات بين العاملين وبالتاي ارتفاع بكم وجودة الانتاج. ومن المقومات المهمة أيضا وجود المرونة في التعامل بين العامل والإدارة، فهذا ينعكس إيجابا على السرعة في الإنتاج مع الجودة المطلوبة ، مع وجود سياسة الثواب لا الاكتفاء بالعقاب للعاملين ،فعندما يجد العامل نفسه مثاباً على عمله المتميز، فإننا نراه يسعى للتطوير من ذاته ضمن مجال عمله أكثر، ويشعر حينها أيضا بالرضا اتجاه المكان الذي يعمل به وباتجاه الإدارة أيضا، فالشعور بالرضا ينعكس إيجابا على العمل وخصوصا إذا ترافق ذلك كله مع وجود العدل والعمل بروح القانون ،والذي يدفع المدير أحيانا لتجاوز بعض هفوات العاملين على ألا تكرر. انعكاسات بيئة العمل على العامل: نرى أن بيئة العمل تنعكس على العامل إيجابا وسلبا ،فعندما تكون بيئة العمل مريحة وقد توافرت فيها كل المقومات والظروف المناسبة للعامل، من خدمات وراحة نفسية واجتماعية ،ومادية ، فإن العامل يسعى للعمل بنشاط، وكله رضا عن عمله ودون تذمر أو ملل ، وليس انتظاراً لأجر أو مكافأة بل لأنه يشعر بانتمائه إلى هذا المكان الذي يعمل به، وهو على ثقة بأنه سيقدّر على ما أنجز، وأنه يعمل مع فريق واحد وبيد واحدة، والنجاح سيسعد الفريق ويعزز الانتماء للعمل، فالكل أسرة واحدة تربطهم مشاعر الود والحب والإخلاص ، إن هذا الشعور هو من أهم مخرجات وانعكاسات بيئة العمل المناسبة ، والتي تولد لدى العامل طاقة إيجابية كبيرة ، قد لا تكون عند غيره من العاملين في القطاع ذاته ، ولكن في مكان آخر وبيئة أخرى، فتلك البيئة المناسبة تسهم وبنسبة كبيرة بنجاح العمل والإدارة و العامل سوية ، ورفع سوية الإنتاج وخلق الإبداع. وإن العكس صحيح ، فعندما تكون بيئة غير مريحة للعامل فإنه يصاب بنوع من الإحباط ، فيغدو كثير التذمر تراه يعمل فقط ليقبض أجره غير آبه بجودة العمل أو سرعته وزيادة انتاجه ، فهو لا يشعر بالانتماء لهذا المكان الذي يد نفسه به وحيدا ، وإن شعور العامل بالظلم وعدم التقدير للجهد المبذول سيدفعه لكل ذلك ،بل ولإنجاز ما هو موكل له بأقل جهد ممكن ، فلا دافع موجود لديه يدفعه للعمل، وخاصة إذا كانت العلاقات بين العاملين الموجودين ضمن البيئة نفسها ، علاقة وظيفية بحتة لا وجود للروح فيها فذلك يبعد شعور الانتم
شذى الوليد صباغ