رئيس التحرير: طلال قنطار
لا تكفي الإطلالات الإعلامية، ولا المحاضرات في الخارج، لصناعة حضور سياسي حقيقي، كما أن الخطاب الذي لا يستند إلى مشروع واضح، لن ينجح في حشد جمهور، خاصة في حالة معقدة مثل سوريا.
الظهور الأخير لمناف طلاس، في محاضرة سياسية بالخارج، قد يُفهم على أنه محاولة للعودة إلى المشهد، لكنه لا يتجاوز إعادة إنتاج لحالة غياب طويلة، وارتباك دائم في الدور والموقع. فمنذ بداية الأزمة، لم يُعلن طلاس موقفًا حاسمًا، أو يقدّم مشروعًا متماسكًا، بل اقتصر حضوره على إطلالات إعلامية متقطعة، غالبًا ما ارتبطت بسياقات إقليمية، أو رسائل ضغط خارجية، دون أي تأثير فعلي في الداخل السوري.
اليوم، تبدو محاولة تسويقه كواجهة عسكرية للمعارضة، إعادة تدوير لوجوه فقدت حضورها الشعبي. فالساحة السورية تغيّرت كثيرًا، والوعي العام لم يعد يتفاعل مع رموز لم تكن حاضرة في لحظات الحسم، ولا تملك طرحًا واقعيًا.
في المقابل، يتحرك الداخل السوري نحو مسار قائم على الحوار والانفتاح، وسط وعي متزايد بأن الحلول تُبنى من الداخل، على الأرض، وليس في قاعات الفنادق أو منابر الخارج.
الخطابات التي لا تحمل مشروعًا واضحًا لم تعد تقنع أحدًا، والمواطن السوري بات أكثر تطلعًا إلى حلول عملية، وفاعلين حقيقيين. ومن أراد أن يكون جزءًا من مستقبل البلاد، فعليه أولًا أن يكون حاضرًا فيها، بين ناسها، مشاركًا في همومها اليومية، لا مجرد صوت يتردد من بعيد.