بين الإصلاح والغضب الشعبي: هل تدفعنا زيادة تعرفة الكهرباء نحو ضوء في آخر النفق؟

الفداء_ زهراء كمون:
أثار قرار وزارة الطاقة السورية الأخير بتعديل تعرفة الكهرباء موجة من الجدل بين من يراه من ضرورات الإصلاح، ومن يراه عبئاً  جديداً على كاهل المواطن.
القرار الذي نُشر على صفحة الوزارة الرسمية يقضي بتعديل مبيع الكيلو واط الساعي في مختلف القطاعات اعتباراً من الأول من تشرين الثاني القادم في خطوة وصفتها الوزارة بأنها «الركيزة الأولى لإصلاح منظومة الكهرباء في سوريا».
ورغم حالة الإستياء، تؤكد الوزارة أن هذه الخطوة ليست غاية بحد ذاتها، بل مدخل لإصلاح شامل يهدف إلى تحسين كفاءة القطاع وضمان استدامته.
-التعرفة الجديدة باختصار: 
بحسب القرارين رقم 686 و687 تم تقسيم الأسعار على أربع شرائح:
الشريحة الأولى :تشمل ذوي الدخل المحدود حتى 300 كيلوواط/دورة بسعر 600 ليرة للكيلوواط مع دعم حكومي بنسبة 60%.
الشريحة الثانية: تشمل من يزيد استهلاكهم على 300 كيلوواط وأصحاب الدخل المرتفع والمشاريع الصغيرة بسعر 1400 ليرة.
الشريحة الثالثة :للمؤسسات الحكومية والشركات والمصانع المعفاة من التقنين بسعر 1700 ليرة.
والشريحة الرابعة :للمعامل ذات الإستهلاك العالي مثل معامل الصهر بسعر 1800 ليرة، كما أبقت الوزارة على شريحتين فقط للاستهلاك المنزلي لتخفيف العبء عن الأسر محدودة الدخل.
إصلاح تقني أم عبء اجتماعي: 
في منشور له عبر منصة “إكس” أوضح وزير الطاقة محمد البشير أن تعديل التعرفة هو خطوة أولى نحو إصلاح شامل يشمل مشاريع توليد جديدة وتركيب عدادات ذكية وتطوير شبكات النقل والتوزيع بهدف تحسين الخدمة وتقليل الفاقد الفني والتجاري، لكن المواطن السوري لا يطلب وعوداً بل نتائج ملموسة تحسن في ساعات الوصل، وعدالة في التقنين وشفافية في إدارة العائد المالي، فالثقة لا تُبنى بالتصريحات بل بالأفعال.
بين الحاجة للإصلاح وضغط المعيشة: 
لا يعارض الشارع السوري فكرة الإصلاح، لكنه يخشى أن يتحمل كلفته وحده فالمواطن يعيش اليوم تحت ضغط معيشي متزايد وأي تعديل في الأسعار يُستقبل بقلق مشروع ما دام الدخل والرواتب لا تواكب ارتفاع الأسعار.
وتتفق معظم الأصوات  على أن المشكلة ليست في القرار بحد ذاته بل في التوقيت الاقتصادي الصعب الذي صدر فيه، فلو ترافق رفع التعرفة مع زيادة الأجور أو تحسن ملموس في القدرة الشرائية لكان أكثر قابلية للتفهّم، وربما بدا خطوة في مسار إصلاح متوازن لا عبئاً إضافياً.
مع ذلك، لم يعد من الممكن استمرار الوضع السابق، فالشبكة مثقلة بالعجز والتقنين طويل والأعطال متكررة، كما تتحمل الدولة كلفة صيانة باهظة، لذلك يُنظر إلى القرار كخطوة صعبة لكنها ضرورية على أن تُستكمل بجدية وشفافية لضمان أن كل ليرة تُحصَّل ستنعكس في نهاية المطاف على تحسين خدمة الكهرباء للمواطن.
خاتمة:
الإصلاح الكهربائي لا يُقاس بالشعارات، بل بتأثيره على حياة المواطن اليومية: استقرار التيار، وعدالة التقنين، واستثمار العائدات في تحسين الخدمة، رفع التعرفة مؤلم على المدى القصير، لكنه يصبح فعّالًا إذا صاحبه تحسن ملموس في القدرة الشرائية، وشفافية إدارة الموارد، ليصبح القرار استثماراً حقيقياً في استدامة الكهرباء وتحسين الظروف المعيشية.

المزيد...
آخر الأخبار