الملفات السوداء إرث نظام الأسد الذي يطارد السوريين حتى بعد سقوطه

 

بقلم ياقوت الحموي

 

كيف حوّل النظام الساقط المعارضين وأسرهم إلى مجرمين

منذ سقوط النظام السابق، وبداية المرحلة الانتقالية بقيادة جديدة، بدأت تتكشف ملفات الماضي الثقيلة التي تركها نظام الأسد خلفه وكأنها ألغام مزروعة في طريق سوريا الجديدة.

ليس سرّاً أن النظام البائد لم يكتف بملاحقة المعارضين أو المنشقين سياسياً، بل تعمّد تحويل تهمهم إلى جرائم جنائية لتشويه صورتهم، ومعاقبة أسرهم، وتعقيد أية محاولة مستقبلية لإعادة الاعتبار لهم بعد سقوطه. كان ذلك جزءاً من استراتيجية أمنية استخباراتية اعتمدت على العقاب الجماعي وتشويه السجلات وتعقيد ملفات عشرات آلاف السوريين.

اليوم وبعد ما يقارب العام على ولادة الدولة الجديدة تتكشف حقيقة أن إرث النظام الساقط ليس مجرد ملفات أمنية، بل شبكة معقّدة من الفساد القضائي والتلاعب بالسجلات، وتسييس العدالة وإخفاء الحقائق.

أدار النظام السابق أرشيفه القانوني والأمني بطريقة تشبه دول المافيا.

خلط متعمد بين السياسي والجنائي.

ملاحقة أقارب المطلوبين لمجرّد القرابة.

تلفيق قضايا جنائية لمنع إعادة تأهيل الضحايا مستقبلًا.

تخزين البيانات على أنظمة مغلقة وغير شفافة ومليئة بالتزوير المتعمّد.

ومع هذا الإرث المثقل، تواجه الجهات المسؤولة في المرحلة الانتقالية تحدياً في استعادة السيطرة على هذا الأرشيف، وفك شيفرة التخريب المتعمّد، وربط السجلات على مستوى الدولة إضافة إلى العقبات التقنية والأمنية التي تركها النظام السابق عمداً، مما جعل التعامل مع هذا الإرث عملية معقدة.

لا مستقبل لسوريا دون عدالة، ولا عدالة دون مكاشفة، ولا مكاشفة دون فتح ملفات النظام بالكامل. فالعدالة الانتقالية ليست ترفاً سياسياً، أو بنداً ثانوياً، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه الوطن، وهي خطوة أساسية نحو رد الاعتبار للضحايا، ومحاسبة المجرمين، وإعادة الثقة بين الناس والمؤسسات، وإصلاح القضاء والأمن، وضمان عدم تكرار المأساة.

استمرار وجود بعض القضاة الفاسدين الذين خدموا النظام السابق يضعف مسار العدالة، ويعطّل جهود الإصلاح، ويجعل الناس يشعرون أن الدولة الجديدة ما تزال تحمل شيئاً من ملامح الماضي، وهنا يأتي دور القيادة والمجتمع المدني في تطهير المؤسسات، وإصلاح القضاء، ومراجعة كل الملفات الأمنية والجنائية التي استُخدمت كسلاح ضد السوريين.

تقف البلاد اليوم أمام مرحلة دقيقة، إما بناء دولة قانونية حقيقية، أو السماح للظل الأسود للنظام الساقط أن يمتدّ إلى حاضرنا، فالعدالة الانتقالية ضرورة لا يمكن تجاوزها لأنها الأساس الذي سيقوم عليه كل ما يأتي بعدها.

يبقى الملف مفتوحاً على أسئلة كثيرة تحتاج إلى متابعة رسمية ومجتمعية مستمرة، وما ستكشفه المرحلة المقبلة سيحدد شكل العدالة الممكنة في سوريا الجديدة، وحدود قدرة المؤسسات على استعادة ثقة الناس بها.

#صحيفة_الفداء

#معركة_ردع_العدوان

#عام_على_التحرير

المزيد...
آخر الأخبار