من قائمة العقوبات إلى طاولة السياسة

الفداء_شريف اليازجي 

أعاد مجلس الأمن، ترتيب أولوياته في الملف السوري، فشطب اسم الرئيس أحمد الشرع، من قائمة العقوبات الخاصة بالتنظيمات الإرهابية، وفتح بذلك باباً جديداً للتعامل مع الدولة السورية، وفق منطق مختلف عن ذلك الذي ساد خلال الحقبة الماضية.

لم يكن القرار مفاجئاً لمن يتابع تغير المزاج الدولي تجاه الملفات المعقدة في الشرق الأوسط، فالمراجعة التي أجرتها لجنة العقوبات، جاءت بعد سلسلة من التقييمات التي أخذت بعين الإعتبار التغيرات الميدانية، والسياسية في سوريا والمنطقة، وخلصت إلى أن استمرار إدراج اسم الرئيس الشرع، لم يعد يخدم الأهداف التي وضعت من أجلها القائمة.

ترافق القرار، مع تأكيد واضح من مجلس الأمن، على احترام سيادة سوريا، ووحدتها، وسلامة أراضيها، وهو ما يعكس رغبة دولية في إعادة الإعتبار للدولة السورية، كطرف شرعي في أي عملية سياسية مقبلة، لا كملف أمني معلق على طاولة المفاوضات.

اللافت في القرار، أنه لم يأت منفصلاً عن السياق الإنساني، الذي بات يحظى بأولوية لدى المؤسسات الدولية، فقد أشار المجلس، إلى التزامات الحكومة السورية، في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما اعتبره كثيرون خطوة إيجابية نحو تخفيف المعاناة التي يعيشها السوريون منذ سنوات.

التحول في طريقة التعاطي مع القيادة السورية، لا يعني بالضرورة تغيراً جذرياً في المواقف، لكنه يعكس واقعية سياسية، بدأت تتبلور في أروقة القرار الدولي، فالعزل لم يعد مجدياً، والمواجهة لم تعد خياراً مطروحاً، والمرحلة تتطلب أدوات جديدة، تضمن الاستقرار وتفتح المجال أمام تسويات سياسية قابلة للحياة.

شطب اسم الرئيس أحمد الشرع، من قائمة العقوبات، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو مؤشر على بداية مرحلة جديدة، في التعامل مع سوريا، مرحلة تحمل في طياتها، فرصاً لإعادة بناء الثقة، واستعادة الدور السياسي للدولة السورية، في محيطها الإقليمي والدولي.

القرار بحد ذاته لا يصنع التحول، لكنه يعيد ترتيب الأولويات، ويضع مصلحة السوريين في المقدمة، دون مزايدات أو حسابات ضيقة.

الملف السوري لا يزال مفتوحاً، والقرار الأخير ممكن أن  يكون إحدى صفحاته التي تستحق التوقف عندها، لا للتهليل بل للفهم والتخطيط لما هو قادم.

 

المزيد...
آخر الأخبار