لن تزور دمشق القديمة دون أن تستوقفك الدهشة في المكان الذي اجتمعت فيه تفاصيل من سحر وجمال تعبق برائحة التاريخ أحدها “المشربيات” نوافذ البيوت الدمشقية المطلة على الحارات التي تعانقت بيوتها كما تعانقت قلوب أصحابها.
وتعتبر المشربيات أحد أهم ألوان الفن المعماري الإسلامي بحسب رئيس مديرية التوثيق والدراسات في مديرية دمشق القديمة المهندس نعيم زابيطة الذي أوضح لـ سانا أن تاريخها يعود للقرن الثالث عشر إبان العصر العباسي الأول وانتشرت في بلاد الشام ومصر والحجاز والعراق واليمن.
وقال زابيطة: “المشربيات من العناصر التقليدية التي تعلو المنازل كعنصر معماري توضع غالباً على نوافذ الطوابق العليا لتحجب الرؤية عن داخل المنزل وتوفر إضاءة وتهوية عبر الفتحات” مشيراً إلى أن صناعتها تعد حرفة قديمة تنقشها أياد ماهرة يستخدم في صناعتها الخص الخشبي المشغول بطريقة دقيقة والموزع بشكل فني ومعماري جميل.
وعلل زابيطة تسميتها بالمشربيات نسبة إلى كلمة “مشرب” أي الغرف العالية أو المكان الذي يشرب منه الماء، حيث كانت توضع خارج المشربيات الأواني الفخارية الخاصة بالشرب، ويعتقد البعض أنها سميت “بالمشرفية”، وذلك لأن نساء أهل البيت كانوا يطلون على الطريق منها ثم حرفت إلى المشربية، ويرجح البعض سبب التسمية إلى خشب “المشرب” أحد أنواع الخشب الذي صنعت منه المشربيات.
وحول استخداماتها ووظائفها بين محمود الموقع أحد سكان حي القيمرية في دمشق القديمة أنها مكان يكشف المنزل على الحارة ويتم وضعه غالباً عند الباب الرئيسي للبيت العربي ليتم التعرف على الطارق وتناول الأغراض بالإضافة لتأثيرها الجمالي والفيزيائي، كونها تجمل المنازل من الخارج وتسمح بمرور الهواء والضوء إلى الداخل.
وتعتمد صناعة المشربيات على القطع الخشبية الصغيرة التي تنحت بأشكال جمالية متقنة الصنع، وتبطن أحياناً بالزجاج الملون، وتتحكم زوايا نحاسية مشغولة على طريقة “التفريغ” في لصقها في أماكن خاصة من المربع الخشبي، فتزداد قيمتها الجمالية، وتزداد صلابتها.