نبض الناس : المراقبة في الطب البشري !

لو كلَّفت كلية الطب البشري جميع الأطباء المتعاونين معها بمراقبة امتحانات طلابها ، لما أثارت استياء العديد منهم ، الذين قرر بعضهم الامتناع عن المراقبة احتجاجاً على عدم تكليف زملاء لهم واتباعها مبدأ الخيار والفقوس في هذه المسألة الامتحانية المهمة ، وهو ما قد يوقعها بمشكلة نقص المراقبين ، إذا لم تبادر إلى تدارك هذا الأمر ، وتعالج المشكلة بروية وبما يحقق العدالة بين الأطباء !.
فكما هو معروف ، تعاني كلية الطب البشري من نقص حاد في الكادر التدريسي ، لذلك لجأت إلى أطباء الهيئة العامة لمشفى حماة الوطني لترميم نقصها ، كونهم من ذوي العلم والمعرفة والخبرة النظرية والعملية ، وكون المشفى بما يمتلكه من طواقم طبية وتمريضية وأجهزة ، يعد الميدان الأرحب لتدريب طلاب الطب بمختلف سنواتهم وزيادة معارفهم العلمية وتعزيزها بالدروس أو المحاضرات العملية ، تحقيقاً لشعار ربط الجامعة بالمجتمع.
وقد التزم العديد من الأطباء معها لتدريس الطلاب التزاماً أخلاقياً ووطنياً ، من منطلق حرصهم الخاص على الجامعة عموماً والكلية والطلاب خصوصا ً ، ومن دون أي مقابل أو تعويض مادي يستحق الذكر ، فما يتقاضاه الطبيب من أجر للساعة لا يمكنه أن يشتري به سندويشة فلافل !!.
وهذا الالتزام الطوعي للأطباء هو ما جعل كلية الطب البشري تمضي بخطوات واثقة في التعليم العالي ، وتتجاوز الكثير من المشكلات التي يسببها – عادةً – نقص الدكاترة المدرسين الذين من المفترض أن يكونوا من ملاك الكلية أو الجامعة ، وهو ما حافظ على المستوى العلمي العالي للطلاب ، وهو ما كان ينبغي للكلية أن تحفظه للأطباء وتقدر جهودهم التي يبذلونها في تعليم طلابها وتدريبهم أيضاً ، والذين لبوا نداءها عندما استنجدت بهم لسد النقص في كادرها التعليمي ، حتى لو كان ذلك على حساب عملهم بعياداتهم الخاصة.
ولكنها بدلاً من ذلك ، ميَّزتْ فيما بينهم بالمراقبة ، مستثنيةً هذا الطبيب أوذاك من دون أي مبرر مقنع ، أو عذر للمستثنين يمكن الركون إليه في الاستثناء .
الأمر الذي أثار حفيظة الأطباء المكلفين بالمراقبة ، الذين شعروا بغبن كبير في تعامل الكلية معهم ، وبشكل خاص بعد الكتاب الذي سطَّرته لتكليفهم وتطلب فيه التزامهم بالمراقبة تحت طائلة عدم صرف تعويض التدريس لغير الملتزمين ، وعدم تكليفهم بالتدريس في الفصول القادمة !!.
وكأن لغة التهديد والوعيد هذه – بحسب الأطباء – موجهةٌ لعاملين لديها ، ولكن من الفئة الرابعة أو الخامسة مع احترامنا الشديد لكل الفئات ، لا لأطباء من خارج ملاكها وغير ملزمين – إلاَّ أخلاقياً – بالتدريس فيها !.
ويطلب الأطباء من الكلية الرجوع عن هذا الخطأ والسلوك ، ليس لأنه فضيلة فقط ، بل لأنه إضافة لذلك لا يفصم عرى العلاقة القائمة بينهما ، ويعزز التعاون المثمر بين الطرفين ، والأهم أنه ينعكس على الطلاب بالفائدة.

  محمد أحمد خبازي

المزيد...
آخر الأخبار