يخطئ رئيس مجلس المدينة أو البلدية أو البلدة ، إذا اعتقد أن مهمته تشريفٌ له ، لا تكليفٌ لتقديم أفضل الخدمات لمواطني وحدته الإدارية ومجتمعه المحلي ، فيدير ظهره إليهم ويُحدث ُ قطيعةً بينه وبينهم ، بمجرد جلوسه بمكتبه ، ويلتفت إلى قضاياه الخاصة بدلاً من أن يكون بين الناس ، ويعالج همومهم ومشكلاتهم الخدمية بما خصه به القانون من صلاحيات وسلطات .
ويخطئ المسؤول – أي مسؤول أكان صغيراً أم كبيراً – إذا كان يعتقد أن توفير الحد الأدنى من مازوت التدفئة للمواطنين مِنَّةً ، أو حصولهم على أسطوانة غاز من دون بهدلة إنجازاً عظيماً يجب عليهم تقديم بطاقات الشكر له ، أو استقرار الكهرباء ، أو عدم انقطاعها عن بيوتهم مطلقاً ، هو العطاء الأكبر !!.
فما تعدوَّنه إنجازاً أو عطاءً أو هبةً أو منحة ً ، هو حق للمواطن في أعناقكم ، بل من أبسط حقوقه عليكم ، ويجب أن تقدموه له بكل يسر وسهولة ، ومن دون أن يتكبد أي مشقة وعناء أو أن يقضي سحابة يومه بالجري وراءه ، كما يحدث اليوم معه في رحلة البحث المضني عن مازوت التدفئة الذي وعدتموه من الصيف بتوفيره له وما وفَّرتم ، وقد بلغ به بردُ هذا الشتاء القارس ما بلغ من فتك بعظامه وعظام أطفاله ، فأرغمتموه على التوجه للسوق السوداء وشراء بضعة لترات بأسعار مضاعفة كي يتقي ( الزنطاري ) ويقي أسرته الرطوبة التي ينزُّ ماؤها من جدران وسقف منزله !.
وفي بحثه عن أسطوانة الغاز أيضاً ، التي لا يجدها في المراكز حيث تهرع لجان الأحياء إلى تلك المراكز التي تستجر الغاز وترفع أسطوانات لها وأخرى للأقرباء والمعارف ، فيضطر لتبديلها من المخصصات المســــــــتورة بـ 6 آلاف ليرة وأحياناً بـ 11 ألفاً فقط لاغير !.
وقد شُحَّ بصره من شح الكهرباء ، وتقنينها الجائر ، الذي لم تستطيعوا حتى اليوم توفير الحد الأدنى منها لهذا المواطن الذي تتغنون بصموده ومحبتكم له على الطالعة والنازلة ، رغم أن هذه المشكلة ليست وليدة الساعة ولا بنت اليوم ، وليست من منعكسات الحرب الظالمة على وطننا الحبيب ، فعمرها عقود طويلة !.
ولا تنسوا أيها السادة – بل يجب ألاَّ تنسوا – أن مكاتبكم الوثيرة وبنزين سياراتكم الفارهة ، وكل المكاسب والمزايا والامتيازات التي تنالونها ، هي من عرق جبين هذا المواطن ، سواء أكان فلاحاً أو عاملاً أو موظفاً بمختلف أنواع وظيفته ومسمياتها .
محمد أحمد خبازي