نبض الناس : الرهان الخاسر !

المتابع لأرقام الشركات الإنتاجية في المحافظة – وغيرها من المحافظات – التي تعرضها خططها السنوية المنفذة ، والمتضمنة بيانات إنتاجها الكلي وحجم تسويقها ومبيعاتها وأرباحها المحققة الصافية ، يدرك كم هي متماسكة بنية الدولة التي لم تستطع كل سنوات الحرب الشرسة التي شنت على وطننا الحبيب من أربع رياحات الأرض ، اقتلاعها أو النيل منها على أقل تقدير.
فماذا يعني – على سبيل المثال لا الحصر – أن تحقق الشركات أرباحاً بمليارات الليرات السورية ، رغم الحصار الاقتصادي المفروض ظلماً وعدواناً على البلد ، وماذا يعني أن تظل رواتب الموظفين والعاملين بالدولة – مهما يكن رأينا بهذه الرواتب – مستمرة ومن دون انقطاع ، حتى في أعتى سنيِّ الحرب وأشرسها ، وماذا يعني أن تظل المؤسسات الحكومية مفتوحة ، والمدارس تستقبل تلاميذها وطلابها ، والجامعات تخرِّج أبناءنا ، والمصارف تقدم خدماتها من دون أن تتعرض لهزات مالية أو إفلاسات ؟.
في الحروب عادةً ، تتوقف الحياة في الدول التي تأكلها النيران ، وتنهار مؤسسات ، وتتلاشى شركات ، وتفتك المجاعات والأوبئة بالبشر ، وتعجز المشافي العامة والخاصة عن تقديم أبسط أنواع الرعاية الطبية والصحية للمواطنين ، ولا تشهد تلك الدول حركة دائبة في تنفيذ مشاريع خدمية على كل المستويات وبمختلف القطاعات ، إذ تجهد وتجاهد للبقاء فقط دافعةً عن نفسها خطر الزوال والاضمحلال .
وهو الذي ظلَّ وطننا الحبيب بمنأى عنه طيلة تلك السنوات العجاف ، رغم تأثره بمنعكسات الحرب الجهنمية الهمجية تأثراً كبيراً وعميقاً ، ورغم إنفاق الدول الراعية للإرهاب والشريكة بالحرب عليه وعلينا ، مئات مليارات الدولارات لتحقيق غاياتها القذرة وأهدافها العدوانية باقتلاعه من جذوره ، ليتسنى لها تنفيذ مخططاتها بالمنطقة كما ترغب وتهوى ، ولكنها لم تستطع ولن تستطيع .
فقد ثبت الوطن أمام أشرس حرب كونية ، وواجه التحديات الكبرى المجتمعية والاقتصادية التي واجهته خلال السنوات المنصرمة بعزيمة لاتلين ، وحافظت مؤسساته على كياناتها وعملها وإنتاجها ، ومع كل انتصار كان يحققه الجيش البطل كانت تستعيد عافيتها ، وتنفذ خططها السنوية الإنتاجية ، وتقدم خدماتها للمواطنين وفي أحلك الظروف أيضاً.
وهو ما أسقط الرهانات على سقوط هذه الدولة ، التي ظلت واقفة بوجه كل الأعاصير ، نتيجة تماهي أطراف معادلتها الوطنية( الشعب والجيش والقائد ) في وحدة متماسكة متجانسة لم تستطع كل قوى البغي والطغيان وقطعان الإرهاب المحلية والوافدة من أصقاع الأرض فصم عراها ، ولن تستطيع أيضاً.

* محمد أحمد خبازي

المزيد...
آخر الأخبار