مع موجة ارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق وتشمل قائمة كبيرة من المواد والحاجيات الأساسية للمواطن ، والشماعة التي يعلق عليها التجار هي ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء مما يطرح الكثير من التساؤلات والشكوك حول آلية التسعير ودور حماية المستهلك في الرقابة على الأسعار وجدوى العقوبات على المخالفين ، وأيضاً دور الذراع الاقتصادي للحكومة (السورية للتجارة) في إيجاد توازن سعري مع هوامش ربح منطقية .
في البداية لابد أن هذه الإسطوانة تتكرر خلال سنوات مع كل ارتفاع بسعر الصرف ، حيث يقوم التجار برفع أسعار السلع بنسبة أعلى من ارتفاع سعر الصرف بشكل آني ولكن عند انخفاض سعره يتجاهلون ذلك لفترة طويلة ، وعندما يخفضون فإن التخفيض يكون بنسبة أقل من سعر الصرف مما يؤثر سلبياً على القدرة الشرائية للمواطن والليرة ، المفارقة الغريبة إن الحكومة تؤمن جميع احتياجات التجار المستوردين من القطع الأجنبي بالسعر الرسمي وفق نشرة مصرف سورية المركزي مما يعني ببساطة إن تغير سعر الصرف بالسوق السوداء ليس مبرراً لرفع الأسعار وهو ذريعة فقط للحصول على أرباح جشعة ، كما أن الاستيراد لنفس التاجر لا يمكن أن يكون خلال أيام أو حتى أسابيع لأن إجراءات الشحن تتطلب شهر على الأقل فكيف يغير التاجر سعر بضاعته خلال أيام إذا تحرك سعر الصرف ؟!
مما يتطلب العودة إلى التسعير الإداري لمعظم السلع وخاصة الضرورية منها ، لأن تحرير الأسعار يكون بحال الوفرة وليس كما هو الآن ، حيث نعاني من الحصار الاقتصادي الخارجي الظالم على بلدنا .
كما أن واقع الأسواق يشير إلى عدم قدرة دوريات حماية المستهلك على ضبط إيقاع السوق وكذلك إلى ضعف فاعلية العقوبات التموينية مما يتطلب التشدد بالعقوبات التموينية لتكون رادعاً لضعاف النفوس .
أخيراً : إن تقوية ( السورية للتجارة ) التي أثبتت نجاحاً في ظروف صعبة سابقة مما يتطلب زيادة حصتها من السلع المستوردة وإعطائها المرونة والسيولة الكافية لشراء المنتجات من المزارعين مباشرة مما يضمن الإنتاج من المنتج إلى المستهلك مباشرة وبالتالي التقليل من الاعتماد على التجار لتأمين السلع الأساسية وزيادة قدرتها التنافسية عبر خلق نوع من التوازن السعري يحمي المواطن من تقلبات الأسعار ويخفف من حدة إسطوانة سعر الصرف ويقوي المنتج المحلي .
عبد اللطيف يونس