يختلف العمر المناسب للزواج من بلد لآخر، ويبدو أنه ضمن البلد الواحد أيضاً يختلف بسبب العادات والتقاليد وربما بسبب تأثير الأحوال المادية أيضاً، ولو فكرنا بالعمر المناسب للزواج في بلدنا سورية لتراوح مابين العشرين والـ ٢٤ عاماً حتى يكمل الإنسان تعليمه ويكون نفسه ويصبح مدركاً لمتطلبات الزواج ومسؤولياته …
إلا أننا نجد اختلافاً مابين المحافظات السورية وعادات بعضهم ممن يفضلون الزواج المبكر جداً بعمر ١٥ و ١٧للفتاة أو حتى أقل من ذلك مثل محافظة دير الزور ودرعا وفي حماة وقراها الشمالية والشرقية وغيرها.
منهم يخاف أن تكبر الفتاة ولايأتي نصيبها…ومنهم من ضاقت به الحياة ليجد زواج بناته باكراً حلاً لتخفيف المصروف …ومنهم من يراها خلقت لخدمة الرجل وإطاعته من دون أن يهمهم رأيها بذلك.
آراء كثيرة من أماكن مختلفة تقترب بوجهات نظرها حول موضوع الزواج المبكر ..
تقول محاسن حمود أم لولدين:
أكيد أنا لست مع الزواج المبكر لأن الفتاة غير ناضجة ولاتستطيع تحمل المسؤولية الزوجية كالزوج والأطفال وبرأيي العمر المثالي للزواج هو 18سنة فما فوق الزواج المبكر له عدة سيئات، فالتفاهم يصبح صعباً بين الاثنين وفرق في الفهم والإدراك كما أن الفتاة لاتتحمل مشاق الحمل والولادة وتربية الأطفال.
ومن ناحية النضوج وفهم الحياة تقول رامية أم محمد:
إن الفتاة لاتزال في بداية عمرها وغير ناضجة كفاية لتدرك أمور ومتطلبات الزواج وبرأيها عمر العشرين مناسب للزواج…ولكن ماخلفه الانترنت من أمور سلبية تخيفنا وتجعلنا نخاف على أبنائنا جعل بعضهم يقدم على تزويج أولادهم باكراً خوفاً من المحظور.
ومن وجهة نظر أخرى تحدثنا أم حسن أم لثلاثة أولاد قائلة :
بوجهة نظري أنا ضد الزواج المبكر ، فبعض المجتمعات المعقدة يمكن أن يزوجوا الفتاة باكراً لقناعتهم أنهم يستروا عليها وتجنباً لأي مسائل أخرى، وكي لاتغلط وتبهدل الأهل
ولكن في بعض الأحيان لايكون الزواج المبكر خاطئاً، مثلا الفتاة التي تقع في علاقات غرامية باكراً ، بهذه الحالة أؤيد زواجها بعمر صغير كي لاتقع في المحظور وتسبب مشكلات اجتماعية لأهلها.
أما الفتاة التي تكون واعية و تعرف الصح من الخطأ يمكن أن تختار شريكها وهي تكمل دراستها وتصنع مستقبلها ثم تفكر بالارتباط منه. والزواج المقبول بنظري هو بعمر 24 أو 25 ، وعلى الأهل أن لايقفوا في طريق اختيار الفتاة عند بلوغها سن الرشد .
الانترنت عاصفة مفاجئة
ويقول سليمان: كانت هذه العادة سابقاً من عادات أجدادنا لكن اليوم نجد أن البنت هي التي تفرض على أهلها أحياناً أن تتزوج، فعصر الانترنت مثل عاصفة مفاجئة أدهش الجميع ولم يفرق بين كبير وصغير، فصار الجميع يتعرف ويدخل برامج مايحلو له وكيفما يشاء من دون أي قيد أو مراقبة.
والكذب واللعب سمة واضحة في برامج التواصل الاجتماعي فالكثير منهم إما صغاراً يلعبون أو متزوجون يتسلون بمشاعر الفتيات.
الخوف من كلمة عانس
وتقول ياسمين: أنا أؤيد الزواج بعمر العشرين ولكن هذا أيضاً نسبي يحتمل التغيير بحسب المجتمعات وبعض العادات التي تتحكم وتفرض عقولها على أبنائها ممن يرفضون إكمال تعليم الفتاة، ويعتقدون أنها تقع في سن العنوسة في عمر الخامسة والعشرين، فيجب أن يكون للفتاة صوتاً ورأياً في رفض الزواج إن أرادت ذلك وألا يفرض عليها بالقوة .
أتركوني أعيش
المحامي صالح العلي: يؤكد أن الزواج المبكر أحد أكبر الأسباب للطلاق
وهو يقتل أجمل أيام يعيشها المرء «فلا أنت قتلتني ولا تركتني أعيش»
وتابع أنه حتى الحالات التي يستمر بها هذا الزواج تكون حياتهم مليئة بالمشكلات.
وحول هذا الموضوع الذي بات اليوم ظاهراً أكثر بسبب آثار الأزمة التي نعيشها زرنا مديرية الشؤون المدنية بحماة ليحدثنا الأستاذ فراس صيوم مدير الشؤون المدنية حول هذه المسألة قائلاً:
بموجب العادات والتقاليد بمجتمعاتنا الشرقية تتدرج نسبة حالات الزواج من مجتمع إلى آخر فمعروف عن الزواج المبكر بالمجتمعات المحافظة تكون أعداده كبيرة وخاصة من ناحية العنصر الأنثوي.
وحول الفرق بين القرى والمدينة قال:
بالنظر إلى الزوجين نرى أن عدد حالات الزواج المبكر يكون بمركز المحافظة بسبب نمط التفكير، وأسباب أخرى متعددة أما في الريف فنجده رغم وجود حالات زواج مشابهة من ناحية السن، ومن ناحية الذكور بالريف .
بالنسبة للريف نجد أن الزواج المبكر من جانب الرجال منخفض مقارنة بالمدينة ويكون هناك تقارب بالسن لدى الزوجين بحدود (خمس سنوات تقريباً).
من الناحية الإيجابية يقول صيوم إن الزواج المبكر يؤدي أحياناً لاستقرار الأسرة نفسياً حيث يكون عمر الأولاد متقارباً مع الآباء فكرياً مايؤدي لإيجاد تواصل بينهم.
ومن الناحية السلبية قال: إن عدم وصول أحد الأطراف لمرحلة النضوج الفكري والجسدي يؤدي لمشكلات متعددة لعدم القدرة على التواصل بينهما أو مع المحيط ويكون البحث عن الحلول صعباً .. ويعتقد صيوم أن نسبة الطلاق هنا تكون أكبر من حالات سن النضوج. فالشخصية الناضجة تكون أكثر قدرة على إدارة الحياة الزوجية…
العمر المثالي
أثبت العلم من الناحية الصحية والطبية أن عمر العشرين فما فوق مناسب للقدرة على الإنجاب والنضج الجسدي والفكري. فهل من قانون يحمي القاصرات؟!
يجيب صيوم للأسف مازال أب الأسرة يستطيع تزويج ابنته متى يحلو له لكوننا نخضع للشريعة الاسلامية ووكيلها هو والدها ومنهم لايأخذ حتى برأيها .
في نطاق الأحوال المدنية لايوجد حتى الآن حماية ويعتقد صيوم أن الحل يكون من جانب القضاء الشرعي ليتم إيجاد نص بذلك.
فالكثيرون يحلمون بما في داخل هذه المغارة السحرية(الزواج) متخيلين اللآلئ والجواهر ولايعرفون ماينتظرهم من أمور كثيرة ومسؤوليات كبيرة تظهر عاجلاً وترمي حملها على شابين في مقتبل العمر.
جنين الديوب