التعليم بين مطرقة الطلاب و المعلمين

اختلف كثيراً في السنين الأخيرة نمط وأسلوب التعامل مابين المعلم والطالب فكانت سابقاً تعتمد على هيبة المعلم وقوة كلمته والشعور أمامه بالخجل والاحترام والعظمة…
و بعد إلغاء مادة التربية العسكرية التي كان يحسب لها ألف حساب من حزم وجدية معلمها وصوته الذي يشعرنا بالرهبة لنقف كالألف في صف مرتب منضبط بلباس واحد وصوت واحد يردد نشيد الوطن ..
أصبح اليوم الكثير من المعلمين يشعرون بفقدان هيبتهم أمام بعض الطلاب غير المكترثين للتعليم والذين تحصنوا خلف قرار منع الضرب ، فلم يعد ينفع معهم كلام المعلم وتنبيهه فصار بعضهم يتمادى ويتصرف كمايحلو له مؤثراً ذلك على نفسية المعلم وباقي الطلاب..
فاحترام وإجلال المعلم أمر في غاية الأهمية يعزز ويقوي الرابط بينهما ليخلق معه المحبة والغيرية ، فما من شك في حب المعلم لإعطائه وتعليمه طلابه…ولكن ربما وقفت وحالت ظروف كثيرة أدت الى اختلاق بعض المشاكل والعثرات أمام المعلم وكذلك الطالب…

حول هذا الموضوع التقينا بعض المعنيين بهذا الموضوع لنسمع آراءهم ووجهات نظرهم..
كليمة عمار أمينة مخبر ومدرسة – منذ ٢٨ سنة في التدريس – خريجة صف خاص تقول: لم يعد يهاب بعض الطلاب المعلم ويتصرف كما يحلو له بكل حرية حتى أن هذا الأمر أثر على نفسية المعلم من خلال كبح الغضب دوما ويأس مستمر وحتى لايمكن للمعلم إخراج المشاغب من الصف ..
مناهج جديدة حائرون أمامها
باتت العملية التعليمية تحتاج إلى طرق تدريس مرافقه للمنهاج مع استاجات لكليات التربية وهذا طلب كل المعلمين .
وأكملت: إن الكثير من الأهالي لايمتلكون مهارة تعليم أولادها وخاصة مع ظهور المناهج الجديدة التي زادت من الضغط ..عنوة عن نقص في مدرسي اللغات وهذه مشكلة كبيرة..
فالطفل المهتم سوف يتأثر و يحزن ويخاف ..والمنهاج في تغير دائم ولاتوجد طرق تدريس ولااستاجات ..
منهاج جديد بلا وسائل مناسبة ومنها غير متوفرة مثل خرائط جديدة للوطن العربي ..
وفي هذه الحالة تقل ثقة المعلمين بطريقة توصيل المعلومة للطلاب
وعن الموبايلات وأثرها قالت المربية أم باسل:
أثر الموبايل كثيراً على حياة الأولاد وأخذ من وقتهم بدل أن يستفيد الطالب من قراءة قصص مفيدة أو اللعب بألعاب أخرى تفيده وتنمي مهارته العقلية.. فباتت العابه قتالية ضرب وقنص وملاحقة عصابات عبر شاشة الكمبيوتر الذي يحمل بطلها كل أدوات القتال ويغير شكلها ونوعها في كل مطاردة.. إضافة لدخول العاب أخرى مخيفة ومشوهة لها ابعاد خفية ومدروسة لتؤثر في اطفالنا للمدى وتعلمهم أشياء غريبة لنرى أن تصرفاتهم باتت مخيفة أحياناً ويعيشون حالات خوف تظهر على تصرفاتهم .
بينما قالت المدرسة رقية ديب متألمة بأن دور المعلم أصبح كبيراً وأكثر صعوبة ومعاناة وخاصة في هذه السنوات مع جيل لايرضى بما هو واقع، فلم نعد نعرف كيفية الطريقة المثلى للتعامل مع بعض الطلاب المدللين وغير المكترثين ..ونتمنى أن يكون هناك غرف خاصة بهم كي لايؤثروا على بقية وسوية باقي الطلاب.
وحول تميز طلاب بعلامات فارقة عن غيرهم وهم بنفس مستوى درجة الذكاء.
تقول أم محمود وأبو فادي : بعض المدرسات تضع علامات عالية للطلاب الذين تعطيهم دروساً خاصة في بيتها مقارنة بالباقي..وهذا يجعل الطالب الذكي الذي لايملك قدرة الدروس الخصوصي يتراجع ويكره المدرسة ويشعر بالنقص ..
وعن الدروس الخصوصية ، قالت المعلمة سمر :
إن اتباع البعض لدروس خاصة تجعلهم يتميزون عن غيرهم ممن لايمتلكون القدرة المادية لإتباع هذه الدروس وهنا تكمن المشكلة في التمييز بين الطلاب، فإن كان ولابد فيكفي ان يتبع مادة أو اثنتان تصعبان عليه وليس لجميع المواد..
بينما قالت إحدى المعلمات عن أحد المواقف المخجلة لها التي تعرضت لها وجعلتها تكره مهنتها
إنها قامت بتوبيخ خفيف لطالب صف ثاني ونكز كتفه لتطنيشه الدروس وحركاته العشوائية ماجعل الطفل المدلل ينقل لوالديه معاناته بأنها قامت بضربه على يده المكسورو .. لتأتي والدة الطفل صارخة مهددة إياها امام الجميع بالشكوى عليها حتى اعتذرت لها وللولد.
فهل فقد المعلم هيبته إلى درجة تمنعه من أن يؤنب الطالب إذا أذنب..ألسنا نؤنب أطفالنا فلذة كبدنا ان أخطؤوا في بيوتنا ؟!!
وحدثنا المعلم شيبان رنجوس (علم اجتماع) ومرشد اجتماعي في حماة – حديثاً مهماً.. قائلاً:
من سلبيات الأزمة كانت انشغال الأولياء عن أطفالهم إما بسبب عمل الأب في الجيش وانصراف الأم لمتطلبات البيت وأحياناً انشغال البعض بالجوالات والتواصل الاجتماعية الذي لعب دوراً سيئاً في إشغال الأم..
ويقول بيت الشعر : الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
فأين هنا إعداد الأم لتعد أبنائها…فالمشرف الأول غير موجود مايؤدي لفراغ ونقص بالدعم التربوي الأساسي، ماأرخى عبئاً على الحلقة الثانية (المدرسة)..
إضافة لما يعانيه المعلمون من قطع مسافات شاسعة للوصول لمدارسهم متحملاً الأحوال المادية والجوية من برد أو حر والجسدية ..واستيقاظاً باكراً جداً للوصول إلى المدرسة.. وكذلك عليه أن يتهيأ قبل اعطاء الحصة الأخيرة للعودة قلقاً من ألا يجد آلية نقل في الكراج تقله لمحافظته البعيدة ، فيبدو مستعجلاً من أمره و متوتراً..
من هذا المنطلق أصبحت الاجتماعات التي تجرى مع الموجهين أو المجمعات التربوية شكلية وتعبئة ورق ..فأول وأهم شيء هو راحة المعلم..
يتابع رنجوس إن أحد الموجهين أطلعه على أن ٥٠% معينون في حماة يأتون من الساحل وهذا أمر خطير ومؤسف، فالمسؤولون كلهم يشتغلون رفع عتب أن كانوا موجهين أو إداريين بالمجمعات التربوية أو موجهين بمديريات أو وزارات فأنا أحضر معهم وهم يقطعون مسافات طويلة لعمل دورات لتنمية مهاراتهم لمواجهة الصعوبات …ولكن هذا الموضوع لايقابل بدعم مادي ولابمراعاة للظروف فيأتي مسؤول في الحزب ليطلب دواماً كاملاً نظامياً.. وأنا أطلب أن ينزلوا لأرض الواقع ليروا أحوال وأوضاع الناس..فلا يوجد اكتراث بنا والقرارات التي توضع يجب أن توضع من تحت وليس من فوق أي أن تلامس أرض الواقع وظروف المجتمع التي أصبحنا بها ونعاني منها جميعنا..كي تكون القرارات ناجعة وتأخذ مفعوليتها بشكل صحيح.
العبء كبير ومن يعاني ويشتغل بشكل جدي هم الحلقة الأخيرة المدرسين..فكل الأمم تطورت واهتمت بالمعلم وأعطته كفاءته وحصانته وكفته ماديا …ويجب أن تكون القرارات الصادرة قريبة للواقع…
جنين الديوب

 

 

المزيد...
آخر الأخبار