يكمن وجع المواطن سواء أكان فلاحاً ، أو عاملاً ،أو حرفياً ،أو من ذوي الدخل المحدود ،أو من صغار الكسبة، في الفقر والفاقة والحرمان، فمن أين أتى هذا الوجع الذي كاد أن يستعصي على الشفاء؟! أتى من تجار الأزمات الذين يعتمدون على الاحتكار والجشع والتلاعب بقوت الشعب بحجة ارتفاع الدولار والنقل ، بدلاً من مساعدة الدولة في توفير السلع الغذائية والحاجات الأساسية لعامة الشعب، راحوا يستغلون كل شيء، هدفهم جمع المال ولو على حساب حاجات المواطنين عن طريق احتكار السلع ورفع ثمنها فتصبح صعبة المنال، فهذا وجع دائم يشكو منه المواطن الفقير، وأن غلاء مادة المحروقات أثّر على الفلاح الذي يزرع ،وغلاء السماد ،واليد العاملة، وجني المحصول، ونقله إلى سوق الهال، الذي يأخذ المحصول من الفلاح على مزاجه، بينما أصحاب أسواق الهال جالسون في غرفهم المكيفة لايعانون من البرد أوالحرّ الذي يعاني منهما الفلاح ،ويتحكمون بأسعار الإنتاج على مزاجهم، ويبيعون المواد الغذائية إلى المواطنين بأسعار عالية، بينما يشترونها من الفلاح بأسعار متدنية. فالذي يتألم هما طرفا المعادلة، المنتج والمستهلك /الفلاح المنتج والمواطن المستهلك/ أوالذي يأخذ الحصة الأكبر هم الوسطاء في تلك الأسواق، ويجب القضاء على الوسطاء من خلال مؤسسات الدولة الاستهلاكية التي هي أرحم من الوسطاء الجشعين إذا ماتوافر لها أناس صادقون ،أمناء ، ذوات خبرة، لكسر الأسعار وتخفيضها ليستفيد من هذا الإجراء كل الشرائح الاجتماعية الكادحة ،وتبرأ من جميع الأوجاع التي أصابت هذه الشرائح الفقيرة بفعل الاحتكار والجشع وتجار الأزمات.
وأن الحلول لهذه الأوجاع سهلة عندما تتوافر الإرادة القوية والنوايا السليمة، وإلا ماذا يمنع من محاسبة الفاسدين؟! وماذا يمنع من محاربة المهرّبين؟! وماذا يمنع من محاسبة المحتكرين المتلاعبين بقوت الشعب؟! وماذا يمنع من محاسبة الذين أثروا على حساب الأزمة، ونصادر أموالهم؟! مثلما نحارب أعداء الوطن في الخارج، يجب أن نحارب أعداء الشعب في الداخل، هذه معادلة يجب أن تكون متوازية التطهير والانتصار على أعداء الحياة.