تراثنا العربي غنيّ بالخيال ..
تراثنا غنيّ بالصور المبتكرة ..
تراثنا ينبوع اعتزاز بالانتماء القومي
تراثنا يحثّ على العمل لبناء المستقبل الأجمل والأفضل
تراثنا يدعو إلى الثقة والأمل
تراثنا مخزن طاقات وفعاليات وخبرات ومنجزات
تراثنا فيه تألق الخيال .. بل حلّق بعيداً بعيداً .
* * *
والراوي في تراثنا يسرف في اختراع المخلوقات العجيبة .
والعادات الطريفة ، والمناظر الفريدة التي لم تر … ولعلها لن ترى
على الإطلاق ، بل لا يمكن أن ترى (!!)
الراوي يكثر من الأحداث المثيرة ، والمواقف المشحونة بالقلق
والتعقيد حتى يبدو الخلاص منها مستحيلاً ، والنجاة ميئوساً !!
إلا أنه ، وبعد أن يصعّد الموقف ، فجأة وبعناية السماء تنحلّ العقدة وتنفرج الأزمة ويعود كل شيء إلى نصابه ، وتجري الحياة هنية لينة ، تجري جريان النهر في السهل المنبسط (!).
إن مدينة النحاس ، المدينة الخيالية التي اخترعها قصاصو ألف ليلة وليلة ظلت عصية على الفاتحين والمكتشفين دهراً طويلاً ، حتى قيّض الله لها أن تفتح على يد واحد من أولياء الله الصالحين !!
( مدينة النحاس ) بسطها لنا ( كامل كيلاني ) رائد أدب الأطفال ، قدّمها للنشء حكاية ماتعة ، مدينة النحاس مدينة عجيبة تقع في طريق الفتح التي سلكها ( موسى بن نصير ) إلى الأندلس .
افتّن الراوي في تصوير المدينة السحرية ..
استحثّ صور الخيال .. وآثار الأذهان وداعب الأحلام ..
وآثار فينا السحر والتخيّل .
بلاد المغرب العربي حافلة بكل مدهش ومثير .
صحراء سجلماسة جنوبي المغرب فيها مدينة النحاس .
مدينة فيها من النفائس ما تحتار به العقول .
لقد اشتهرت بلاد المغرب بكنوز يصادفها الذين أراد الله لهم الثراء بغير حساب !
في القصص أو في الحياة
حتى ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان يذكر مدينة سجلماسة .
يصفها بأنها أغنى البلدان فهي قريبة من مناجم الذهب .
وهكذا ساعدت الحقيقة الخيال وصوّر الراوي مدينة النحاس مدينة ثرية لاحدود لكنوزها ونفائسها !!
والمدينة لها سور عال ، مهما حاول المتسلقون الصعود إليه
فشلوا!! بل كل من صعد منهم ونظر إلى المدينة سقط ميتاً (!!)
كان الذي يصعد يصفق ثم يرمي نفسه فلا يرجع آخر الدهر (!!)
ولكن هل ستظل هذه المدينة غامضة مستعصية ؟
وهل ستظل مجهولة لا يعرف سرّها أحد ؟!!
هنا يلعب خيال الراوي !
لا بد أن تفتح المدينة .. إذ ليس من الفن أن يبقى الشوق معلقاً .
ليس من الفن أن يظل السر مغلقاً !!
الراوي – القاص – في ألف ليلة وليلة عارف بالنفس البشرية ، عالم بتوق الإنسان إلى كشف المجهول وإزاحة المستور ، وهذا المكان الحافل بالعجائب ، المزدحم بالأسرار لا بد له من مغامر !!
والمغامر جريء .. المغامر مقدام يتوهج نضارة وفتوة وعزماً وإرادة !
المغامر بنى سلماً وتسلق السور وصار آية النجاة ..
صاح المغامر وقد أشرف على المدينة :
يا قوم.. إن الله صرف عنا كيد الشيطان !!
وماذا رأى ؟! ماذا ؟!
عشر جوار . باهرات الجمال . يُشرن إليه أن ينزل إليهن !!
لكنه لم ينزل (!!)
وتلك مكيدة أهل مدينة النحاس حتى لا يدخلها أحد ولا يقتحم
أسوارها طامع !!!
* * *
القصة تركب جناح الخيال
القصة تطير محلقة في سماء بعيدة
القصة منسوجة بعناية وحذر وإتقان
مدينة النحاس ، مدينة الخيال المجنح .. مدينة الخيال العربي المتفوق
على حكايات السوبرمان» وقصص طرزان ومغامرات الوطواط
الخيال هنا مكرّس للخير
الخيال مكرّس لإسعاد الناس والخروج بهم إلى عالم أكثر نقاء وأكثر عُذوبة .
الخيال ينشد رحابة النفس البشرية .
الخيال يوظف المغامرة الحرة التي تصل إلى نهايات سعيدة !
* * *
لقد فُتحت مدينة النحاس .
صارت الطريق إليها سالكة
صارت الأسوار المستعصية سهلة طيعّة
صارت الأبواب المقفلة الغليظة – مفتوحة على رحبها
ودخلها المغامرون .. الذين بذلوا ما بذلوا من عرق وجهد وتفكير ..
و… تلك هي الحياة !
الحياة بذل وعمل دؤوب
الحياة مثابرة من أجل الوصول إلى الهدف المنشود .
* * *
و.. هذه قصة الإنسان والوجود .
صراع دائم .. وسعى حثيث في سبيل تحقيق الآمال والأحلام
ولمدينة النحاس مثيل لها في تراثنا العربي الحافل .. فهناك مدينة السحاب
ومدينة النساء وجزر واق الواق .. هناك مواقع لاحصر لها وأماكن ..
حالمة وعوالم مرسومة بدقة متناهية ، كلها من صنع الخيال ..
* * *
الراوي – العربي – القاص ينطلق مع عجائب الأحداث مع غرائب المغامرات في إطار مسرح خصيب وخيال ثرّ .. غني بالأخبار والأسرار
والباحث يحار وسط هذه المشاهد المحشودة والأساطير المرصودة من أين يبدأ ؟ وكيف يختار !!