يستخدم ابن آدم فمه لغرضين اثنين رئيسين هما :
الطعام، والكلام
وهناك فئة قليلة تشذّ عن القاعدة ـ الغريزية ـ العامة فتقوم بالاعتداء على وظيفة من وظائف الأنوف وتلجأ لاستنشاق الهواء من أفواهها, وغاية الموضوع ليست بهذا الصدد فعودة للهدف الذي ينصَبّ على:
الطعام، والكلام.!
يقصد الناس الأسواق الخاصة بالأطعمة التماساً للحصول على القوت اليوميّ, ويمضون فترة من الزمن ذهاباً وإياباً بين المحال والدكاكين والبسطات بحثاً عن المادة المطلوبة آخذين بعين الاعتبار ـ وأذنه.! وضعها وحالتها نوعاً وسعراً.!
في نهاية المطاف, وختام (البَحْبَشة) والطواف..
يحصل روّاد الأسواق على ضالتهم التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالميزانية, والإمكانات الماديّة.. مع الحرص الشديد، والتفكير المديد، على ألاتخرج الرّجلين من تحت الّلحاف عملاً وتطبيقاً للمثل الشعبيّ القائل:
(كلّ واحد بيمد لحافه على قدّر رجليه.!)
مواطن من أتباع هذه المقولة, ومن الحريصين الذين يخشون خروج أطراف السّاقين من تحت الّلحاف دفعاً لأي إرباك ماديّ, أو صدمة تعكس إشكالات في جداول تقنين المصروفات, هذا المواطن يروي قصّته القصيرة ثائراً, هائجاً, طالباً تفسيراً, أو تعليلات لن يصل إليها بحال من الأحوال, ومهما طرق من ابواب والحكاية باختصار:
في دكان متواضعة بسيطة تعرض الخضار والفواكه المحلية بأسعار (المولات) في العواصم الراقية.!
باقات البقدونس, والنعنع, والجرجير, والفجل, والـ .. وكلها قزمية.. وبأسعار فلكية. في بلد زراعيّ, الأسعار اسكندنافية .!
وفي بلد يتعامل بالليرة السورية, ترى عناداً وإصراراً على ربطه وصبغه بالعملة الدولارية.!
وإذا استغنى البيت عن البقدونس والنعنع والـ .. حتى إشعار آخر، وإلى أن يأتي الفرج، هل بإمكانه الاستغناء عن البصل.؟
وهل من فكرة, أو حيلة, أو احتيال عند الضّالعين بفنون ( تدبير الرّاس) على تحضير الموز المقلي والتفاح لوضعهما على صحن (المجَدّرَة) عوضاً عن البصل؟
من باب المواساة, ولتهدئة الخواطر والأعصاب لابأس من استذكار أغنية العندليب الاسمر عبد الحليم:
نعم ياحبيبي نعم.. أنا بين شفيفك نغم
ومع (كورال) شعبي( بصلي) نغنيها ـ دون اكتراث لرائحتها ـ بشكلها الجديد:
بصل ياحبيبي بصل.. أنا بين شفيفك بصل
أيامي برخصك عسل.. وايامي بعدك هَبَل
بصل ياحبيبي بصل.!
غزوان سعيد