خصوبة أرض بلدة تقسيس ذات الطابع الزراعي التي تقع على ضفاف نهر العاصي جنوبي شرقي المحافظة على بعد 25 كم من حماة وعلى بعد 18 كم غربي مدينة سلمية لم يشفع لها بالحصول على الخدمات التنموية الأساسية فالبلدة تتمتع بكثافة سكانية عالية تزيد عن 18ألف نسمة إضافة إلى القرى التي تتبع لها كزورتقسيس والقنطرة الجنوبية والشمالية والعمارة والجومقلية والدمينة وتل دمينة والنزازة وغيرها تعاني من عزلة مع محيطها في ظل تدمير الجسور التي تربطها بالبلدات والقرى المجاورة نتيجة الأعمال الإرهابية ولم تقتصر المعاناة عند هذا الحد فهناك تراجع بالعملية التعليمية إضافة إلى أن المرضى يجدون صعوبة في الحصول على العلاج لانعدام خدمات مركز صحي يضمد جراحهم وينهي آلامهم مؤكدين على بعض مسؤولي المحافظة أن يزورا تلك المناطق التي أعيد تحريرها من قبل أبطال الجيش العربي السوري وصان أهلها ممتلكاتها العامة والخاصة ووقفوا إلى جانب الوطن في الحرب ضد الإرهاب مشددين على ضرورة ألا يتم التعامل مع الأهالي من جانب المسؤولين بتجاهلهم.
وقال المختار عبد الرحمن حاج حسن: إن واقع البلدة وصل إلى حالة مزرية رغم مناشدة الأهالي كتابياً مراراً وتكراراً بالالتفات لهذه البلدة المهملة التي تعد حاضنة لأكثر من 16 قرية ولكن لا حياة لمن تنادي فرغم صمودها بوجه الإرهاب وحماية الممتلكات العامة والخاصة والذي تبين في تحريرها يوم الثاني من نيسان بالعام 2018 افتقارها إلى الكثير من الخدمات الضرورية وخاصة موضوع الجسور المدمرة من قبل العصابات الإرهابية ولاسيما الجسر الواصل مابين بلدتي تقسيس وتلدرة ومدينة سلمية وهو يختصر مسافة 60كم من المسافة التي تقطعها السيارات للتنقل إضافة إلى عدم وصول المزارعين إلى أراضيهم الزراعية جانب نهر العاصي وأيضاً تأهيل جسر تقسيس-قرية الدمينة وهو يخدم العديد من القرى شرقي نهر العاصي كالنزازة والعمارة وتل الدمينة وغيرها منوهاً بأن هناك العديد من المطالب التي تقدم بها الأهالي إلى الجهات المعنية بالمحافظة لإصلاح الجسرين رغم مبادرة الأهالي لتنفيذ أعمال الصيانة بالعمل الشعبي وبإشراف الخدمات الفنية.
وأضاف المختار حاج حسن: إن هناك مشكلة تتعلق بمياه الشرب وهي عدم استكمال مشروع استبدال شبكة مياه الشرب الذي تم في العام 2011 ونفذ منه 70 % ومع بداية الأزمة توقف العمل به منوها بمطالب الأهالي بضرورة تنفيذ أعمال الاستبدال سيما وأن قسماً كبيراً من الشبكة تعتمد على أنابيب معدنية مهترئة ومضى عليها أكثر من 30 عاماً ولها تأثيرها السلبي على مياه الشرب حيث يضطر الأهالي إلى تأمين مياه بديلة من الآبار السطحية والتي تلوث عدداً كبيراً منها بسبب تلوثها بمياه الصرف الصحي والتي عادة ما تطفو خلال فصل الشتاء نتيجة الاختناقات التي تحصل في بعض خطوط الصرف.
بدوره أشار سليمان عمر سبسبي وهو صاحب مخبز البلدة إلى أنه يوجد مخبز واحد يخدم تقسيس والقرى التابعة لها وكانت مخصصاته 3 أطنان و200كغ من الدقيق التمويني يوميا ومنذ 4 سنوات توقف المخبز عن العمل نتيجة الأزمة وعاد إلى العمل في حزيران من العام 2018 وكانت مخصصاته 1 طن وبعد مطالبات من الأهالي تم زيادة المخصصات إلى طن ونصف الطن من الدقيق التمويني يومياً وهي لا تلبي احتياجات أهالي المنطقة فتم تخصيص مابين 250 إلى 300 ربطة خبز من مخبز الجب الآلي بمدينة حماة وذلك بمعدل أربعة أيام من الأسبوع إلا أن هذا الأمر شابه نوعية الخبز السيئة الصنع والتوضيب نتيجة وضع الخبز فوق بعضه البعض مؤكداً على ضرورة إعادة النظر في توزيع مخصصات الدقيق التمويني فليس من المعقول أن تكفي كمية 5ر1طن من الدقيق حاجة الأهالي الذين يبلغ عددهم 18 ألف نسمة ما يضطر الأهالي إلى شراء مادة الخبز بأسعار مرتفعة من مدينة حماة.
من جانبه أوضح عبد الحليم السبسسبي رئيس الجمعية الفلاحية أن القرية تشتهر بزراعة الحبوب والقطن واليانسون بالإضافة للأشجار المثمرة وأهمها الزيتون كما أنها تحتل المرتبة الأولى بزراعة البصل وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية فيها نحو 60ألف دونم ويبلغ عدد المزارعين فيها أكثر من 8آلاف مزارع كما يقوم الأهالي بتربية الأغنام والماعز والأبقار وهناك عقبة أساسية واجهت المزارعين خلال الموسمين الماضي والحالي بعدم الحصول على مادة المازوت المخصصة للشأن الزراعي والمعاناة في الحصول على الأسمدة والبذار على الرغم من الوعود الكثيرة من قبل الجهات المعنية في المحافظة والتي غالباً ما كانت تتجاهل طلبات المزارعين إضافة إلى انتشار ظاهرة نفوق عدد كبير من الماشية نتيجة سوء مادة الأعلاف التي يتم الحصول عليها من المعامل الخاصة والتي تكون خارج الرقابة وغير مطابقة للمواصفات.
من جهته أكد المواطن غياث الحاج حسن معاناة الأهالي في الحصول على مواد المحروقات كالغاز المنزلي والمازوت والبنزين مبيناً أنه بالنسبة للغاز فتوجد في تقسيس 6 مراكز مرخصة تم افتتاح 3 منها وحصة كل مركز من المراكز الثلاثة 100 اسطوانة غاز شهرياً والتوزيع يتم حسب الأحرف الأبجدية على الأهالي وحتى الآن لم يوزع أكثر من 30 % من حاجة الأهالي وفيما يتعلق بمازوت التدفئة فقد تم توزيع دفعة أولى من المازوت وبمقدار 50 ليتراً لكل عائلة على أن يتم توزيع الدفعة الثانية وحتى الآن لم يوزع سوى 20 % منها والعائلات تعيش ضمن أجواء شتاء قارس كونها تقع في منطقة شبه صحراوية وباردة شتاء أضف إلى ذلك معاناة الأهالي في الحصول على مادة البنزين كون معظمهم يمتلكون دراجات نارية وتحتاج إلى معاملات كثيرة لتسوية وضعها ما أدى إلى حرمان عدد كبير منهم في الحصول على البطاقة الذكية والتوجه للأسواق السوداء لشراء المادة وبسعر 500 ليرة لليتر الواحد.
وبين المواطن غياث السبسبي أنه بالنسبة للواقع الصحي حدث ولاحرج فلا يوجد في المنطقة سوى مركز صحي واحد مع وجود طبيبة واحدة لاتتواجد في المركز إلا يومين في الأسبوع ولمدة لاتزيد عن الساعتين إضافة إلى عدم وجود مخبر أو خدمة إسعافية أوطبية وقد تمت الموافقة خلال كانون الأول من العام الماضي على تخصيص المركز بطبيب أسنان وقابلة قانونية إلا أن الأهالي لم يشاهدوا أياً منهما في المركز حتى الآن هذا بالإضافة إلى مشكلة النقل من تقسيس إلى حماة وبالعكس حيث توجد 8 سرافيس على الخط إلا أن هذا الوضع المتردي وصل ذروته حيث وجد الأهالي أنفسهم مضطرين لسماع شكوى وتذمر سائقي السرافيس التي اغتنمت الفرصة لابتزاز المواطن وطلب أجرة زائدة بمعدل 200 ليرة عن كل راكب كضريبة من نوع خاص.
ويرى عدد من الأهالي أن المنطقة تعاني من تراجع العملية التعليمية حيث توجد فيها 5 مدارس للتعليم الأساسي والثانوي إلا أن كادر هذه المدارس من غير الاختصاصيين والمكلفين من خارج الملاك والذين ليس لديهم أية خبرة في المجال التدريسي إلى جانب موضوع الاتصالات إذا كانت هناك وعود بتركيب نحو 250بوابة انترنيت وذلك خلال العام 2011 ونتيجة للأزمة توقفت ولكن مع عودة البلدة وتحريرها من رجس الإرهاب فلا بد من البدء بتنفيذ هذا المشروع.
ويرى عدد من المواطنين أن العمل الخدمي يجب ألا يقتصر على الاتيكيت والبرستيج الذي مللنا منه فعلاً وبتنا بحاجة إلى أشخاص قادرين على خدمة المواطنين والانخراط في صفوفهم وقادرين على خدمة المصلحة العامة والارتقاء بمستوى الوطن إلى أبعد الحدود أما الأشخاص الذين يخدمون أنفسهم ويسخرون كل شيء لهذا الغرض فقد مللنا منهم فعلاً وبات من الضروري إعادة النظر بمواقعهم وتسليم هذه المواقع إلى من يستحقها ويديرها بأمانة فنحن لسنا بحاجة إلى أشخاص يتحدثون عبر المنابر الإعلامية عن أعمال خدمية لا نرى انعكاس لها على أرض الواقع.
المزيد...