خفَّضت الحكومة بقرار لها مؤخراً الصرف بنسبة 50% من الاعتمادات المخصصة لمواد القرطاسية و المطبوعات والأدوات المكتبية و الدعاية و الضيافة و المؤتمرات ، في الجهات العامة ذات الطابع الإداري ، وما يقابلها في حسابات الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي في الموازنةالعامة للدولة للسنة المالية 2019.
وخفضت سابقاً مخصصات الجهات العامة من مازوت التدفئة إلى النصف ، ما جعل العديد من الموظفين يشتركون بجمعيات أسبوعية ويشترون المازوت من مالهم الخاص كي يشعلوا به مدافئ غرفهم حتى لا يصابوا بالأمراض المزمنة التي يسببها البرد ، فكما تعرفون البرد سبب كل علة !.
بالطبع للحكومة أسبابها الوجيهة بضغط نفقاتها وتخفيض اعتمادات الجهات العامة التابعة لها ومخصصاتها من كل شيء ، ولكن هل خطر ببالها أن تخفض أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية المشتعلة بالأسواق ، والتي تكوي المواطن بلهيبها فعلاً ، وخصوصاً بهذه الأيام التي تشهد فيها أسواقنا هبَّةً عجيبة غريبة في أسعار معظم المواد الغذائية حتى النباتات الورقية منها !.
وهي القادرة _ إن أرادت _ على تخفيض تلك الأسعار لأدنى مستوياتها ، ولتناسب حال المواطنين المساكين الذين لايعرفون اليوم كيف سيشترون ما يلزمهم من المواد الضرورية للحياة اليومية ، فلجأ العديد منهم إلى الطبيعة التي جادت في هذا الموسم الشتوي بالخبيزة والدردار والفطر وغيرها من النباتات الخضراء !.
ولكن هل في كل يوم ستأكل الأسرة من تلك النباتات ؟ بالتأكيد لا ، فهي إن أكلت اليوم من خيرات الأرض المجانية ، ستحتاج غداً لطبخة من السوق ، موادها كاوية الأسعار مهما تكن بسيطة، وبالطبع لا تدخل اللحوم في تركيبتها !.
باعتقادنا، الحكومة قادرة على تخفيض الأسعار بما تملكه من وسائل وإمكانات وقوانين ، فأين دور مؤسسات التدخل الإيجابي ، وأين سياسات التسعير المركزية ، وأين الرقابة الفاعلة على الأسواق والعقوبات الصارمة بحق المخالفين والمتلاعبين بالأسعار ؟.
بل أين التطبيق العملي للخطابات الطنانة الرنانة بتحسين ظروف المواطن المعيشية ؟.
بصراحة، لم يلمس المواطن أي منعكسات لها على أرض الواقع ، فالغلاء الفاحش يطحنه اليوم أكثر من أي يوم مضى !.
ولربما جولة بأسواقنا المحلية تقدم دليلاً ساطعاً على ما نقول ، فكيلو البطاطا لمن يود أن يعرف ب 350 ليرة وكيلو الفليفلة الخضراء ب 1000 ليرة والبندورة ب 300 ليرة ومثلها الخيار ، وأصغر باقة نعناع أو بقدونس ب 150 ليرة والقائمة النارية للأسعار المحلية تطول ، ونكتفي بهذا القدر منها حتى لا نزيد في آلام المواطن .
والسؤال الذي نطرحه هنا : إلى متى سيظل هذا المواطن يعاني، وإلى متى سيبقى منتظراً تخفيضات الحكومة؟.
* محمد أحمد خبازي