منذ عام تقريبا داخلنا وعلى منبر مؤتمر اتحادنا اتحاد الكتاب العرب وكتبنا وطالبنا وبالفم الملآن بأشياء وأشياء , وما كان أو سيكون من غاية وراء أو أمام مطالبنا تلك إلا الحفاظ على مؤسسة نفخر بها وبأهدافها ولأنها في النهاية هي حلقة من حلقات متتابعة تشكل هيكلية جسد دولتنا العظيمة سورية التي دافعنا وضحينا بأرواحنا لأن تبقى عزيزة كريمة صامدة .
مؤتمرنا هذا العام والذي انعقد منذ أيام كان أكثر جرأة وسخطا من مؤتمر العام الماضي ،وتجلّى كل هذا من خلال مداخلات الزملاء الأعضاء التي اتسم بعضها بالصراخ وبالسباب والشتائم والتخوين و..و..الخ وعلى مرأى ومسمع القيادة السياسية الحاضرة ..كما كان فيه العديد العديد من المداخلات الهادئة والرزينة
بداية لابد من القول في مادتي هذه ما قلته في مدخل مداخلتي لهذا العام ومن على منبر مؤتمر اتحادنا .إن كل من قدم مداخلة أو تصريح أو كلمة قدمها من منطلق وطني بامتياز لا بل هو الوطنيٌّ بامتياز ولا يمكن لأحد أن يزاود على احد في الوطنية والانتماء فكلنا قاوم الإرهاب وحارب بطريقته..جميعنا تضرر من هذه الحرب العدوانية على سوريتنا الحبيبة وإن كان أحدهم تضرر ببيت أو بسيارة فنحن أبناء شهداء وأخوة شهداء وآباء شهداء .. وما علينا إلا الخروج من دائرة التخوين والارتباط بالخارج والدفع من الخارج ..الخ
قد نختلف بطريقة الطرح وأسلوبه ولكن نتفق بالمطلق بما جاء فيه ،وعلى أقل تقدير نقبله ونتقبله كرأي آخر ،ومن بداهة ثقافة التنوير التشاركية و تقبل الرأي الآخر وسماعه والاهتمام به، ومن الأهمية هنا قبل أن نرفض أسلوب هذا وذاك (صراخ وشتائم )علينا أن نبحث عن.. وفي الأسباب التي قادته إلى الخروج عن طوره كما يقال والابتعاد عن أدوات الحوار الهادئة والرزينة واتباع أسلوب كهذا سيما وهو الأديب والشاعر والناقد والأكاديمي , و في النهاية وبلا أدنى شك إن هذا الاحتقان عند العشرات من زملائي وزميلاتي وهذا السخط الذي تبدّى واضحاً بإحداث الكثير من الجلبة لا يعكس إلا فشلاً كبيراً نتحمل جميعنا مسؤوليته , وأيضاً يعكس سياسة فساد وإفساد متبعة من قبل قيادة الاتحاد متمثلة برئيسه وبعض أعضاء مكتبه التنفيذي تُجاه الاتحاد وأعضاء الاتحاد .
ثمة وجهة نظر أخرى تقول إن ما جرى لا يليق بكتاب وأدباء ومؤسسة ثقافية..الخ وهنا أكرر ما قلته سابقا : لأننا الأدباء والكتاب وأبناء مؤسسة راقية جرى ما كان يجب أن يجري مع تحفظنا فقط على الأسلوب لا المضمون و آمل أن تحذو جميع المؤسسات حذونا بالنقد والإشارة إلى الخطأ وكشف مرتكبيه وبصوت عالٍ وجرأة تليق بالسوري الحقيقي .
من أهم ما لوحظ في هذا المؤتمر لهذا العام غياب وسائل الإعلام حتى الوطنية منها و بكافة أنواعها وحتى الإلكترونية أيضا باستثناء وكالة (سانا) بحكم وجود مندوبها بيننا وهو الصديق الشاعر محمد خالد الخضر وهذا مؤشر غير حسن ويعكس ما يعكسه من خشية نقل بعض ما يحدث من حقائق قد لا تروق للبعض ..
ومما لوحظ أيضا استمرار نهج مؤتمرنا السابق من حيث اللامبالاة بكل ما طرح إذ لم نجد من يسجل ولو تسجيلا لبعض ما ورد من مداخلات شفوية ..أين كاتب المحضر؟؟!! إذ على مستوى اجتماع خلية حزبية ثمة من يكتب محضرا ويعرضه على الجهة الأعلى فكيف بمؤتمر سنوي بهذا المستوى ..؟؟!!وإن لم يتم توثيق المعلومة المقدمة أو الاقتراح كيف لنا إذا أن نطالب أو ننتظر تغيرات وإصلاحات ؟؟!!
مؤتمرنا لهذا العام كشف وبجرأة أكثر من ذي قبل عن مواقف وسلوكيات بعض أعضاء المكتب التنفيذي المخجلة و نطالب وطالبنا من قبل بتشكيل لجنة تحقيق في كل ما ورد من مداخلات الأعضاء وتقديم الأدلة الدامغة ومن ثم المحاسبة الواضحة والصريحة.
وكنت قد قدمت وبكل تواضع مداخلة في هذا المؤتمر دعوت فيها كما أسلفت سابقا إلى عدم تخوين من يعارضنا في وجهات النظر واحترام لا بل تعزيز ثقافة النقد والاختلاف , كما طالبت بأن يكون النشر في صحف ومجلات الاتحاد بناء على الكفاءات لا الولاءات لأنه ثبت وبالشكل القاطع أن ثمة من في سدة القرار يعمل على تحويل هذه المنابر إلى (ملاهٍ ليلية) وطالبت بتكليف من يرونه مناسبا لإحصاء الأسماء المكرورة خلال ستة أشهر ليدرك أن ثمة من عمل وما زال على تعزيز الهش والقبيح وهذا ينطبق على آليات طباعة المجموعات وقبول العضوية ..
ومما طالبت به إلغاء كل شيء يمت إلى التحقيق أو الاستجواب مع أي عضو من أعضاء اتحادنا من قبل المكتب التنفيذي لأن هذا الإجراء لا يليق بالكتاب والأدباء بل بالقتلة والخارجين عن القانون.
وكذلك تحدثت بما يتم ذكره دائما من قبل قيادة الاتحاد بدورته هذه بأنه هو من أعاد مقعد سورية للأمانة العامة وهو من كان وراء اجتماع مكتب ا؟لأمانة العامة في دمشق و..و..إلى آخره .
فقلت :إن تجميد مقعد سورية ـ مع تحفظي على المصطلح ـ لم يكن ضعفاً في انتماء السيد رئيس الاتحاد السابق ولا قلة حيلة وضعف في الخطابة ..كما أن عودة مقعد سورية إلى الأمانة العامة لم تكن بسبب انتماء وفصاحة وبلاغة السيد رئيس الاتحاد الحالي وهذا ينطبق على انعقاد مكتب الأمانة العامة في دمشق العام الماضي ..
كل هذا وذاك كان بسبب تطورات وتغيرات استراتيجية عسكرية فرضتها الحالة الأمنية وإن كان الفضل في هذا وذاك لأحد فهو فقط للجيش العربي السوري ..
ختاما أقول إن مؤتمرنا لهذا العام قال كلمته بشكل واضح وجلي وبمفردات لا تختلف عن مؤتمرنا السابق ولكنها بصوت أقوى ونبرة أعلى وما سرنا جميعا أنها وصلت كما نحب لها أن تصل معاً نحو مؤسسة راقية نبيلة تليق بنا كسوريين أولاً وككتاب وأدباء وشعراء ثانياً .
ولا بد من أن أورد بعضا مما كتبته هنا في صحيفتنا (الفداء) على هامش مؤتمر العام الماضي مدللا على حيوية الطرح ومؤكدا على ضرورته :
((هل ُيقدم السيد رئيس الاتحاد وأعضاء المكتب التنفيذي على اتخاذ خطوة جريئة و إن حدثت ستشكل علامة فارقة في تاريخ العمل المؤسساتي في سوريتنا المعاصرة
هل سيقدم على تقديم استقالته أو طلب حل المكتب التنفيذي في خطوة هامة يحفظون فيها ما تبقى لنا من هذه المؤسسة الهامة جدا ؟؟؟
مؤتمر شكّل علامة فارقة في تاريخ سوريتنا المعاصرة من جهة العمل المؤسساتي الحرّ والشفّاف والصريح المنفتح والمسؤول والذي عكس ويعكس وعياً وحيوية لدى الكتاب والأدباء تجاه قضايا مؤسستهم بشكل خاص وتجاه القضايا الكبرى والمصيرية بشكل عام .
مؤتمر نأمل أن يؤسس بمنهجيتة وآلية انطلاقته الحيوية لنهج نقابي مؤسساتي قائم على الجرأة والوضوح وحرية الرأي والتعبير دون مواربة أو خوف أو وجل أو محسوبيات لأحد أو من أحد حين يكون الوطن وقضاياه البوصلة الأهم )).
عباس حيروقة