يقول المؤلف إرنست غومبرتش في مقدمة كتابه قصة الفن: «لا يوجد في الحقيقة شيء اسمه الفن، بل يوجد فنانون فحسب. وهؤلاء كانوا ذات يوم أناسا ً تناولوا تراباً ملوناً وخططوا صور ثور على جدار كهف، واليوم يشتري بعضهم علبة ألوان، ويصممون ملصقات للإعلان، وقد فعلوا ويفعلون أشياء كثيرة. لا ضير في تسمية هذه النشاطات كلها فناً طالما حفظنا في أذهاننا أن مثل هذه الكلمات قد تعني أشياء مختلفة في أزمنة وأمكنة مختلفة، طالما أدركنا أن الفن بالمعنى المجرد غير موجود». ويضيف: «أن تعلم الفن لا ينقضي، فهناك أشياء جديدة دوماً على المرء أن يكتشفها، وأعمال الفن العظيمة تبدو مختلفة في كل مرة نقف أمامها، تبدو غير قابلة للنضوب، ولا يمكن التنبؤ بها شأن البشر في الواقع. إنها عالم مثير للمشاعر له قوانينه الخاصة ومغامراته الخاصة. لا أحد ينبغي أن يظن أنه يعرف كل شيء عنه، إذ لا أحد يعرف. وربما لا شيء أكثر أهمية من التأكد أنه حتى نستمتع بهذه الأعمال يجب أن يكون لنا عقل جديد مستعد لالتقاط كل إشارة، وللاستجابة لكل توافق مستتر».
يدعونا إرنست إلى إثارة النقاش حول تاريخ العمارة والنحت والرسم، ويتوقف طويلاً حيال ما سمّاه بخطر نصف المعرفة وخطر الادعاء «لأننا جميعاً عرضة للاستسلام لمثل هذه الإغراءات، ويمكن لكتاب كهذا أن ينميها. فما أبتغيه هو أن أساعد على فتح العيون لا على إطلاق الألسنة. إن الحديث الحاذق عن الفن ليس بالأمر البالغ الصعوبة، لأن الكلمات التي يستخدمها النقاد استعملت في سياقات شتى عديدة، إذ فقدت دقتها. وأما النظر إلى لوحة نظرة جديدة والمجازفة في رحلة استكشاف فيها، فهما مهمتان صعبتان. بيد أنها مجزية أكثر بكثير أيضاً. ولا أحد يعلم ما يمكن أن يرجع به المرء الى البيت من هذه الرحلة».