يحبّ (تمام) فصل الربيع ، يحبّ أعشابه الفتية ذات اللون الأخضر الجميل، وأزهاره اللطيفة التي تنشر شذاها في كل مكان ، ويحبّ طقسه المعتدل الذي لا يعرف برداً قارساً ولا حراً لافحاً !
ويحبّ تمام أن يزور الحديقة مع زيارة الربيع لها ، ليمتع عينيه بمناظره الخلابة ، ويملأ رئتيه بهوائه النقي …
ذات يوم ، توقف تمام أمام إحدى وردات الحديقة ، كان لونها زاهياً وعطرها فواحاً … تأملها بإعجاب ، وأحسّ أن لها وجهاً يشبه وجه الإنسان ، وأن لهذا الوجه فماً يتكلم ! جرى تمام بعيداً ثم عاد إلى الوردة ، وجرى ثانية ليعود إليها مرة أخرى ..! قالت له الوردة : مالك تتأملني ؟!
تمام : إنني معجب بك .
الوردة : ولماذا تذهب ثم تعود ؟
تمام : لأنني أخاف عليك .. أخاف أن تمتد إليك يدٌ عابثة فتحرمني من جمالك وعبيرك …
أحبّ أن أتفقدك بين حين وآخر ، لأطمئن على سلامتك .
الوردة : لا تخف ، فأنا أعرف كيف أدافع عن نفسي .
تمام : تدافعين عن نفسك ! كيف؟!
الوردة : أملك …. سلاحاً !!
تمام : أنت … تملكين سلاحاً !!
الوردة : أجل .
تمام : عجباً ! كيف ذلك ؟ وأنت الرقيقة اللطيفة التي لا تُعنى بغير الشذا والجمال !!
الوردة : ستعرف ذلك في حينه ، فلا تستهن بالضعفاء..
تركها تمام ، وذهب ليلعب في الحديقة الواسعة ، ويلاحق الفراشات الملونة .. وفجأة سمع صراخاً ! هرع إلى مكان الصوت ، ففوجئ بطفل يبكي … قال له : مالك يا عزيزي ؟
أجاب الطفل : لقد جرحت يدي .
وكيف؟
حاولت قطف هذه الوردة ، فأحسست بشيء حاد يخز إصبعي … آه ، لقد جرحتني أشواكها اللعينة !
نظر تمام إلى الوردة التي أشار الطفل إليها
إنها … وردته الغالية ، هاهي ذي تبتسم له !!