شروط المصارف التعجيزية !

تتباهى المصارف العامة والخاصة بإعلانها منح قروض – تراها ميسَّرة – لأصحاب المهن العلمية ، بسقف 50 مليون ليرة ، في الوقت الذي تعلم فيه أن نزراً يسيراً من أصحاب تلك المهن سيتقدم لتلك القروض فقط ، بسبب الشروط التعجيزية المحددة للحصول عليها ، ومن أبرزها ضمانة عقارية تبلغ قيمتها ضعفاً ونصفاً من قيمة القرض ، إضافة إلى الفائدة السنوية الكبيرة التي تبلغ 14 % للقرض الذي مدته 5 سنوات ، و 15 % للذي مدته 10 سنوات !!.
أي إذا كان طالب القرض يرغب بالحصول على 50 مليون ليرة فيجب أن يكون لديه عقار بـ 75 مليون ليرة ، وأن يدفع فوائد ما مجموعه 34 مليون ليرة عن قرض الخمسين مليوناً !.
حتى قرض المليون يحتاج إلى ضمانات أيضاً ، علماً أن قسطه الشهري 22 ألف ليرة إذا كانت مدة تسديده خمس سنوات ، ومجموع فوائده 356 ألف ليرة ، و14 ألف وقرابة 650 ليرة إذا كان لعشر سنوات ومجموع فوائده 756 ألف ليرة !!.
وممَّا يؤسف له أن مصرفاً مهماً كالتوفير – على سبيل المثال لا الحصر – لم يتقدم للحصول على قرضه الكبير ذاك سوى متقدمين اثنين فقط ، وتدرس إدارته حالياً اضبارتيهما ومن المحتمل أن توافق على منحهما أو لا توافق !!.
ويضاف إلى ذلك ، سبباً عجيباً آخر تعمل به بعض المصارف ، لرد طلبات المتقدمين لقروضها ، هو عدَّ حماة منطقة غير آمنة استثمارياً !.
وأضف إلى ذلك أن مصارف المناطق غير مخولة بمنح القروض ، أي أن ذلك محصور بالمصارف الفرعية الرئيسية بحماة فقط ، وهو ما يكبد الراغبين بالقرض نفقات وأعباء إضافية ، في الوقت الذي يجب أن تعمل فيه المصارف على تسهيل إجراءات منح القروض وتبسيطها قدر المستطاع ، ما دامت تعيش وتعمل في عصر النت والأتمتة وتطبيقاتها التي تقرَّب كل بعيد وتسهل كل صعب إلاَّ بتلك المصارف !.
قد يقول قائل ، في هذا الكلام تجنٍّ كبير على المصارف ، التي من حقها ضمان تسديد قروضها ، وخصوصاً بعد تجربتها المريرة مع المتعثرين أو المتهربين من التزاماتهم المالية نحوها .
ونحن نقول : بالتأكيد من حق المصارف ضمان قروضها ، واستعادة أموالها ، ولكن يمكنها ذلك بشروط ميسَّرة ومن دون تكبيل المستفيد من القرض بأصفاد شروطها التعجيزية ، كرهن المشروع الذي يستثمر بالقرض لصالحها ، أو حجزه طيلة فترة سداده .

محمد أحمد خبازي 

المزيد...
آخر الأخبار