في أول يوم من شهر نيسان, أصبحت عادة شاملة انتشرت في الشرق والغرب, حيث ينصرف أغلب الناس إلى البحث عن كذبة يسكبها كل منهم في قالب تنطلي على الآخرين, ويحاول أن يضحك أكبر عدد من أصدقائه ومعارفه, وهو يعلم أنه لن ينزعج أحد من أصدقائه بسبب أن هذا اليوم بالتحديد مسموح الكذب فيه, ولا أحد يحاسب الآخرين فيه.
ويعود أصل كذبة نيسان إلى الملك شارل التاسع في فرنسا حيث كانت السنة المسيحية من قبل تبدأ في اليوم الأول من شهر نيسان, ولم تكن تبدأ في أول كانون الثاني.
فشهر كانون الثاني كان يجيء العاشر من شهور السنة، وكان نيسان يجيء الأول, وظل المسيحيون يبدؤون سنتهم في نيسان ستة عشر قرناً, إلى أن قرر ملك فرنسا شارل التاسع أن تبدأ السنة في شهر كانون الثاني, كان ذلك في سنة 1564, وكان الملك شارل التاسع يطوف أنحاء مملكته فنزل في قصر روسيون بمقاطعة الدوخني, ومن هناك أذاع مرسومه القاضي بجعل يوم أول كانون الثاني أول يوم في السنة.
ولما كان الناس يتبادلون الهدايا في ذلك اليوم ويعدونه عيداً قرروا أن تنقل تلك الهدايا إلى يوم أول كانون الثاني بدلاً من أول نيسان.
غير أن جماعة من الناس لم يرق لهم هذا التغيير فأرادوا أن يظلوا محافظين على العادة الأولى والتاريخ السابق, بالرغم من إرادة الملك ومرسومه فكانوا يمتنعون عن المعايدة في أول كانون الثاني ويتبادلون الهدايا في أول نيسان كما كانوا يفعلون من قبل.
وجعل الناس يهزؤون بهم ويسخرون منهم, فيقولون عن عنادهم إنه تشويش للواقع وتهريج وكذب, وبلغت السخرية أبعد من هذا فجعل الناس يرسلون إلى أولئك المحافظين العنيدين هدايا لاقيمة لها كالعلب الفارغة والأحذية القديمة والخرق البالية، وغير ذلك من الأشياء, ويرسلون لهم أيضاً رسائل تهنئة في قالب هزلي.
وانتشرت هذه العادة واتسع نطاقها شيئاً فشيئاً إلى أن أصبحت كذبة ضرورية لازمة أخرى، ويعدونه يوماً يحق فيه الكذب على الآخرين, وشملت (كذبة نيسان) جميع أنواع الكذب على الاطلاق, فصار همّ كل واحد في أول نيسان أن يكذب كذبة والسلام, أياً كان نوعها ومداها ـ وانتقلت هذه العادة من فرنسا إلى البلدان المجاورة لها ثم إلى بقية البلدان عنها, حتى أصبحت الآن شائعة في جميع أنحاء العالم.
جينا يحيى